ومن الأدلة على ذلك سؤال موسى ﷺ ربه رؤيته، فإنها لولم تكن ممكنة ما سألها، فإن الرسول لا بد أن يكون عالما بما يستحيل على الله تعالى، ولأن الله تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل، والاستقرار جائز، وخير من ذلك كله النصوص الكثيرة وقد تقدم شيء منها، وهي بالغة حد التواتر.
فأما قوله ﷿: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، فليس فيه ما يدل على خلاف ما تقدم، فإن نفي الإدراك لا يلزم منه نفي الرؤية، كما إن إثباتها لا يعني إثبات أن الرائي يحيط بالله تعالى.
قول المصنف «آدم نبيه وخليفته إلى أرضه»: ورد في تفسير معنى قول الله تعالى ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠)] قولان لأهل العلم، أولهما: أن بني آدم يخلف بعضهم بعضا، والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة، وثانيهما: أن آدم خليفة عن الله، ومثله سائر الرسل يقومون بشرعه وبأمره ونهيه، قال الله تعالى: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾ [ص: ٢٦]، وقد أشار المصنف إلى المعنى الثاني.