للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في التحرير والتنوير: «غض البصر مراتب، منه واجب ومنه دون ذلك، فيشمل غض البصر عما اعتاد الناس كراهية التحقق فيه كالنظر إلى خبايا المنزل بخلاف ما ليس كذلك … »، انتهى، وقال: «وفي هذا الأمر بالغض أدب شرعي عظيم في مباعدة النفس عن التطلع إلى ما عسى أن يوقعها في الحرام، أو ما عسى أن يكلفها صبرا شديدا عليها، انتهى.

وقال القرطبي: «البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله … انتهى، ولذلك قيل:

فإنك مهما ترسل الطرف رائدا … لقلبك يوما أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر … عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وقال الآخر:

ألم تر أن العين للقلب رائد … فما تألف العينان فالقلبُ آلفُ

وروى أحمد والشيخان وأبو داود عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي : «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»، وجاء أن «زنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، وزنا الفم القُبَلُ، وزنا الأذنين الاستماع»، ولينظر كتاب تحريم آلات الطرب للألباني ، والحظ النصيب، وقال النبي : «من يتوكل لي ما بين لحييه وما بين رجليه أتوكل له الجنة»، رواه أحمد والترمذي عن سهل بن سعد، وهو في الموطإ عن عطاء بن يسار مرسلا في قصة.

وروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن جرير بن عبد الله البجلي قال سألت رسول الله عن نظر الفجأة فقال: «اصرف بصرك»، ومعنى نظر الفجأة النظر الذي يحصل من غير قصد، لا النظرة الأولى مطلقا، وهذا الذي سأل عنه جرير هو الذي قيده المؤلف بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>