قلت: قد جاء عنهم ذلك، والمسألة بعد في حاجة إلى مزيد كلام لا تحتمله بهذه العجالة، ودليل فضيلة التبكير قول النبي ﷺ:«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر»، رواه البخاري ومسلم، وكلمة راح تصلح للدلالة على مطلق الذهاب، لا خصوص ما بعد نصف النهار.
وقد كثر السؤال عن مشروعية التبكير مع وجود الدرس الذي يسبق الجمعة، وفيه مخالفة لنهي النبي ﷺ عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، وقد تقدم، والصواب إن شاء الله: أن يبكر المرء للمسجد، فإذا شرع الإمام في الدرس فلا يشوشن عليه، وله أن يذكر الله تعالى سرا، لكن لا يظهر بمظهر المعرض، ويحصل على أجر المبكر إن شاء الله، والسنن يدعى إليها، ولا تفرض بالقوة إلا من قبل الحاكم، وقد قال الله تعالى:«ما على المحسنين من سبيل».