عباس ﵄ قال:«لا تحمل العاقلة عمدا ولا ما جنى المملوك ولا صلحا ولا اعترافا»، رواه البيهقي وحسنه الألباني في الإرواء (ح/ ٢٣٤٠)، ومثله عن عمر في سنن الدارقطني وهو ضعيف، وإنما صح من قول عامر الشعبي كما في الإرواء أيضا، ومن ذلك ما رواه البيهقي عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء من أهل المدينة كانوا يقولون: لا تحمل العاقلة ما كان عمدا ولا عبدا ولا صلحا، ولا اعترافا»، انتهى.
وقد قرر مالك عدم تحمل العاقلة دية العمد ثم بين أنه لم يسمع عن العاقلة في دية العمد شيئا ثم قال: و «مما يعرف به ذلك أن الله ﵎ قال في كتابه: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ (١٧٨)﴾ [البقرة: ١٧٨]، فتفسير ذلك فيما نرى والله أعلم أنه من أعطي من أخيه شيء من العقل فليتبعه بالمعروف وليؤد إليه بإحسان»، انتهى، قال الزرقاني في شرحه على الموطإ (٤/ ١٩٣): «فدل ذلك على أن دية العمد إنما هي على القاتل لأن الأمر إنما هو باتباعه لا عاقلته، وترتيب الاتباع على العفو يفيد أن الواجب أحدهما أي القصاص أو العفو، وهو المشهور عن مالك، ورواية ابن القاسم عنه، وروى أشهب عن مالك الواجب القصاص أو الدية، واختاره جماعة من المتأخرين لحديث الصحيحين مرفوعا: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يودى، وإما أن يقاد»، انتهى.
- وثانيها دية جراح العمد إذا لم يحصل القصاص لعفو أو مانع كوجودها في المتالف، ووجهه أنه في معنى القتل العمد فلا تحمله العاقلة.
- وثالثها دية جراح الخطإ متى لم تصل إلى ثلث الدية، وهذا لجريان العمل عليه في المدينة، ولقاعدة المذهب في اعتبار الثلث من الكثير، قال مالك:«الأمر عندنا أن الدية لا تجب على العاقلة حتى تبلغ الثلث فصاعدا، فما بلغ الثلث فهو على العاقلة، وما كان دون الثلث فهو في مال الجارح خاصة»، انتهى.
أما إن قيل إن الأحاديث الواردة في تحمل العاقلة الدية ليس فيها التقييد بالقتل الخطإ، بل في بعضها ما يشعر بأنه في العمد، ومن تلك الأحاديث ما رواه مسلم عن جابر قال: «كتب رسول الله ﷺ أن على كل بطن عقولة، ثم كتب أنه لا يحل أن يتولى مولى