رجل مسلم بغير إذنه»، والعُقولة بضم العين هي العقل أي الدية، وروى أبو داود وابن ماجة عن جابر أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوج وولد، فجعل رسول الله ﷺ دية المقتولة على عاقلة القاتلة وبرأ الزوج والولد، فقال عاقلة المقتولة:«ميراثها لنا»، فقال رسول الله ﷺ:«لا، ميراثها لزوجها وولدها»، والقتل هنا قد يكون عمدا أو شبه عمد، وثبت أنه على العاقلة، ولأن المعنى الذي لأجله جعلت الدية على العاقلة أو بعضه موجود في العمد في حال العفو، ومن بين ما يوجه به القول بكون دية الخطإ على العاقلة لا العمد أنه لا تضامن في حال العمد كيلا يكون ذريعة للتساهل في الدماء، أو يفهم منه فاهم التشجيع على القتل، ولينظر ما قاله الشوكاني في السيل الجرار (٤/ ٤٥٣).
قال كاتبه عفا الله عنه: لو قيد جعل الدية على العاقلة في حال العمد بشرط فقر القاتل حتى لا تهدر الدماء لكان متجها، ويتأيد ذلك بحديث أبي رمثة قال:«أتيت النبي ﷺ ومعي ابني فقال: «من هذا»؟، فقلت: ابني، وأشهد به، فقال:«أما إنه لا يجني عليك، ولا تجني عليه»، رواه أبو داود والنسائي، وروى أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع النبي ﷺ فقال:«لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يجني جان على ولده»، الجناية الذنب، ومعناه أن ما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العقاب أو القصاص لا يتحمله عنه غيره، وإذا كان هذا الأمر مراعى في جناية الوالد بحيث لا يتحملها عنه ولده فكيف بغيره؟، لكن الحديث مخصوص عند أهل الحق بتحمل العاقلة الدية، لأنها من باب التضامن والتناصر، وقاتل الخطإ لا يعتبر جانيا حقيقة بخلاف المتعمد، فيكون قصر تحمل العاقلة الدية على حال الخطإ مناسبا لاجتماع الأدلة عليه، ويبقى العمد في أصله على الجاني حتى يأتي الدليل على خلاف ذلك، والله أعلم.