لكن هذا لا يعفيه من سلوك طريق الحق، فهذا هو المطلوب منه، وإلا لسقط التكليف، وقد قيل:«إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، يقولون: بما ذا يختم لنا؟، وقلوب المقربين معلقة بالسوابق، يقولون: ما ذا سبق لنا»؟، أورده الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم.
وقال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)﴾ [الليل: ٥ - ١٠]، وقد فسرت اليسرى بأنها الخير، أي أن الله تعالى يسهل على المطيع ذلك، وقال بعضهم:«من ثواب الحسنة؛ الحسنة بعدها، ومن جزاء السيئة؛ السيئة بعدها»، وقيل اليسرى الجنة، ولا مخالفة بين هذه الأقوال، وهي واضحة في المعنى المقصود، فإن أصل اليسرى الحالة التي لا مشقة فيها، والعسرى خلافها.
قال القاضي عبد الوهاب: «لذلك رغبت الأنبياء إليه تعالى في شرح صدورها وتوفيقها، فمن ذلك قوله ﷿: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦)﴾ [طه: ٢٥ - ٢٦]، وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران: ٨]، وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ [البقرة: ١٢٨]، وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (١٩٢)﴾ [آل عمران: ١٩٢].