للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١١ - «ويكره أن يصلي بثوب ليس على أكتافه منه شيء، فإن فعل لم يعد».

ومعناه: أنه إذا صلى المرء في الثوب الواحد؛ فينبغي أن لا يقتصر على ستر جزئه الأسفل، بأن يأتزر به، بل يتوشح به أي يلتحف به متى أمكنه، إما لأن ذلك أكمل في الستر، أو لأنه يستبعد معه سقوطه فيتعرى، وقد قال النبي : «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على أكتافه منه شيء» (١)، والحديث يدل على أن المطلوب ستره في الصلاة ليس العورة فحسب، ولما كان النهي في أصله يدل على البطلان؛ نبه المؤلف على أن من صلى بخلاف ما تقدم؛ لا تبطل صلاته، لأنه لم يكشف عورته، والمراد من النهي حينئذ أن يستر أعلى بدنه، أو لأن ذلك أحوط وأبعد عن إمكان التعري بسقوط إزاره، ويؤيده أن النبي قال لجابر: «إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقا فاشدد على حقوك» (٢)، والحقو بكسر الحاء وفتحها موضع عقد الإزار، ويطلق على الإزار نفسه للمجاورة، والمراد أنه إن لم يتمكن من جعل شيء من ثوبه على عاتقه لضيقه؛ تثبت في شده على موضع العقد، وهو فوق السرة قليلا، ليتجنب احتمال سقوطه وتعريه.

لكن لا ينبغي أن يظن ظان أن من صلى في سروال ضيق كما هو الشائع عندنا يصدق عليه أنه قد صلى في ثوب واحد، فيشمله الحديث المتقدم، بل إن من صلى في سروال ولو ستر جزءه الأعلى فإن فعله لا يختلف في كونه مكروها، إن لم يكن الحكم أغلظ من ذلك، فقد علمت فيما تقدم المراد من الثوب عند العرب، وهو الذي ينبغي أن ينزل عليه كلام النبي في هذا المقام، ومن العجب قول بعضهم إن الشيء إذا فشا في المسلمين لم يعتبر


(١) رواه الشيخان (خ/ ٣٥٩)، و (د/ ٦٢٦) عن أبي هريرة.
(٢) وهو في «الصحيحين» (خ/ ٣٦١) مختصرا، ورواه أبو داود مبسوطا (٦٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>