الشريد عن أبيه، واللي هو عدم الوفاء، وهو المطل، وقوله يحل عرضه أي يجوز أن يشتكى به، فيقال مطلني مثلا، وعقوبته يعني ملازمته وسجنه، ومثله قوله ﷺ:«مطل الغني ظلم، فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع»، رواه مالك (١٣٦٨) والشيخان وغيرهما عن أبي هريرة، وقوله: أُتبع أي أحيل أي قيل له خذ مالك من فلان لشخص له عليه دين، وهي الحوالة، جوزها الشرع لتقليل عدد الذمم المشغولة، وذكر الله تعالى قضاء الدين عن الميت قبل توزيع ميراثه، وشدد النبي ﷺ فيه فكان لا يصلي على الرجل الذي عليه دين، ثم كان يقضي ذلك عن الميت ويصلي عليه حين فتح الله عليه، وندب الناس إلى حسن قضاء الدين بما في ذلك الزيادة في الصفة من غير شرط على المذهب، بل وفي العدد كما سيأتي، ومما أثر عن أحمد ﵀ أن من وجب عليه قضاء الدين فاشتغل بالصلاة عن أدائه بطلت صلاته، ذكره ابن العربي في المسالك (٦/ ١٥٦)، ويشرع الاقتراض لتسديد القرض الذي حل أجله، لكن لا ينبغي أن يتخذ المرء ذلك تعلة ليظل مدينا كلما حل أجل القرض اقترض، فقد روى ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال:«جاء أعرابي إلى النبي ﷺ يتقاضاه دينا كان عليه، فأرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها: «إن كان عندك تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمر فنقضيك»، ويندب أن يدعى للمقرض عند رد القرض بقوله:«بارك الله لك في أهلك ومالك»، رواه ابن ماجة (٢٤٢٤) عن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي عن أبيه عن جده.
والسلف يجوز في كل ما يحل تملكه ولو لم يصح بيعه عندهم كجلد الميتة، ولا يمتنع إلا في الجواري فلا تسلف لمن تحل له على تقدير أنه يملكها، قالوا لما في ذلك من عارية الفروج، فإنه لما جاز للمقترض أن يرد الذات المقترضة نفسها أو غيرها فإذا ردها بنفسها فقد يكون تلذذ بها، ولهذا جوزوا سلفها لمن لا يتأتى له ذلك كالمرأة والمحرم، وجوز بعضهم سلف الجواري إذا كان الشرط رد المثل لا العين، للأمن من علة إعارة الفروج، وإنما نص المؤلف على جواز السلف في كل شيء لمنع بعض أهل العلم السلف في الحيوان، قالوا لأن المطلوب في القرض رد مثله والحيوان يتفاوت.
قلت: كون المطلوب رد المثل في القرض مانعا من السلف في الحيوان غير مسلم،