للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا كانت كلمة التوحيد أفضل ما قاله النبيون، قال رسول الله : «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيئون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له» (١).

ومما ورد في فضلها أن «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» (٢)، ومعنى الحديث أنه يدخل الجنة بفضل الله ولا بد، وإن لم يدخلها ابتداء، وذلك والله أعلم أن المرء إذا قال لا إله إلا الله في حال وفاته لا بد أن يقولها موقنا بها خالصا قلبه بها، لأن حالة الاحتضار يكون القلب فيها معلقا بالله سبحانه، قال المناوي : «لأنها شهادة شهد بها عند الموت، وقد ماتت شهواته، وذهلت نفسه لما حل به من هول الموت، وذهب حرصه ورغبته، وسكنت أخلاقه السيئة، وذل وانقاد لربه فاستوى ظاهره وباطنه فغفر له بهذه الشهادة لصدقه،،،»، انتهى، وحتى يعان المحتضر على هذا الخير، ويذكر به؛ قال النبي : «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» (٣)، وإنما اقتصر عليها وحدها لأن الذي يلقن مسلم، فأمرنا أن نذكره بها ليموت عليها فيحصل له ذلك الفضل، بخلاف الكافر فلا يسلم إلا بالشهادة مع ذلك لسيدنا محمد بالرسالة.

فلما كانت أفضل ما يقال، وأصل كل ما يعتقد، ومباحث التوحيد كلها ترجع إليها، وهي الأصل الذي تتفرع عنه كل الأعمال الصالحة، وكانت النجاة منوطة بالعيش عليها، والموت عليها؛ يسر الله تعالى معانيها للناس، وجمعها في كلمة وجيزة، وهذا من رحمة الله بخلقه، ييسر لهم ما تشتد حاجتهم إليه في دنياهم أو في أخراهم، أو فيهما معا، فمن قال هذه الكلمة وفقه معناها، ولم يمت على ما يناقضها كان من أهل السعادة، ولهذه المعاني صدر بها المؤلف هذه العقيدة، قال عبد الواحد بن عاشر مبينا جمع هذه الكلمة لمعاني التوحيد كلها:


(١) رواه مالك في «الموطإ» عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلا، وله شواهد متصلة، لكن المرسل أثبت منها كما قال ابن عبد البر، وهو في «الصحيحة» (١٥٠٣).
(٢) رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن معاذ.
(٣) رواه مسلم (٩١٦ - ٩١٧) عن أبي هريرة وأبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>