للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأفضلية للصحابة ثابتة بالكتاب وبالسنة وإجماع أهل الحق من هذه الأمة، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)[البقرة: ١٤٣]، وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: ١٠٠]، فأخبر الله تعالى بأنه رضي عنهم لمجرد كونهم مهاجرين وأنصارا، فإن التعبير بالمشتق يشي بعلية ما منه الاشتقاق، ففيها دليل بين على عدالتهم عموما، إذ لو كانوا كغيرهم ما كان لنوط الرضا بالهجرة والنصرة فائدة، ورضي عن غيرهم بقيد اتباعهم بإحسان.

قال ابن كثير عند هذه الآية من سورة التوبة: «فيا ويل من أبغضهم أو سبهم، أو أبغض أو سب بعضهم،،،»، إلى أن قال: «وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن ، ويسبون من سبه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله، ويعادون من يعادي الله، وهم متبعون لا مبتدعون».

ويأتي في الأفضلية الذين جاءوا من بعد الصحابة وهم التابعون، وقد قيل في تعريف التابعي هو من صحب الصحابي، وقيل من لقيه، قال النووي وهو الأظهر.

قلت: في حديث أبي سعيد الخدري الآتي «هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله»؟، فذكر في الطبقات الثلاثة الصحبة، لكن قوله في الحديث الآتي: «ثم الذين يلونهم» (١)؛ ليس فيه التقييد بالصحبة التي هي منزلة أعلى، ويلي التابعين في الفضل الذين جاءوا من بعدهم، وهم تابعو التابعين.

وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله : «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (٢)، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة»، ويدل على هذه الطبقات في الجملة قوله وهو في الصحيح: «يأتي على الناس زمان فيغزو فئام


(١) رواه ابن ماجه (٤٠٢٧).
(٢) متفق عليه: البخاري (٣٦٥٠)، ومسلم (٢٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>