للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الناس، فيقولون فيكم من صاحب رسول الله ؟، فيقولون لهم نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله ؟، فيقولون نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله ؟، فيقولون نعم، فيفتح لهم» (١)، والفئام الجماعة.

وقد رُوي عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله : «مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره» (٢).

قال ابن كثير في تفسيره (للآية الرابعة عشرة من سورة الواقعة): «فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده؛ محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها، والفضل للمتقدم، وكذلك الزرع هو محتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني، ولكن العمدة الكبرى على الأول، واحتياج الزرع إليه آكد، فإنه لولاه ما نبت في الأرض، ولا تعلق أساسه فيها، ولهذا قال : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة» (٣)، انتهى.

قلت: ومن الأحاديث التي ينبغي أن تفهم على هذا النحو قول النبي : «تأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين، قيل منهم أو منا يا رسول الله؟، قال: بل منكم» (٤)، وقوله : «إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها» (٥)، وصح لفظ: «فطوبى للغرباء»، ومعنى يأرز ينضم بعضه إلى بعض.

قال الشوكاني بعد بيان ما جمع به الجمهور بين الأحاديث ورده: «والذي يستفاد من


(١) متفق عليه: البخاري (٣٦٤٩)، ومسلم (٢٥٣٢) عن أبي سعيد.
(٢) رواه أحمد (١٢٣٢٧) والترمذي (٢٨٦٩) وحسّنه عن أنس.
(٣) رواه مسلم (١٩٢٠) عن جابر، وهو حديث متواتر.
(٤) رواه أبو داود، والترمذي.
(٥) رواه مسلم (١٤٦) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>