للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمعة والنافلة، وإلا لقيل لكل من صلى بعد المغرب: أتصلي المغرب خمسا، وهكذا، والفصل بين الصلاة والصلاة التي بعدها مطلوب، وقد روى مسلم (٨٨٣) عن السائب بن يزيد أنه صلى مع معاوية الجمعة فتنفل بعدها، فقال له معاوية: «إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن النبي أمرنا بذلك،،،»، والله أعلم.

أما النافلة قبلها فمشروعة، لكنها ليست الراتبة المعتادة قبل الظهر، فإن الصواب: أن الجمعة لا راتبة محددة لها، بل يصلي المرء ما شاء، والصلاة يوم الجمعة مستثناة من النهي عن الصلاة عند قيام قائم الظهيرة في غيرها من الأيام، ولا ينبغي أن يقوم المرء ليصلي بعد الأذان الأول ظنا منه أن صلاته حينذاك يصدق عليها قوله : «بين كل أذانين صلاة»، فإن التثنية فيه تغليبية، والمراد بين الأذان والإقامة، ولأن الأذان الأول في الفعل لم يكن موجودا على عهد النبي ، فكيف يعلق عليه مشروعية الصلاة؟، والحال أن الأذان يوم الجمعة كان بعد جلوس الإمام على المنبر والنافلة حينئذ ممنوعة، إلا تحية المسجد فيصليها من دخل ويخففها للنص على ذلك.

ولهذا قال ابن الحاج في المدخل: «وينهى الناس عما أحدثوه من الركوع بعد الأذان الأول للجمعة، لأنه مخالف لما كان عليه السلف رضوان الله عنهم، لأنهم كانوا على قسمين:

فمنهم: من كان يركع حين دخوله المسجد، ولا يزال كذلك حتى يصعد الإمام المنبر، فإذا جلس عليه قطعوا تنفلهم.

ومنهم: من كان يركع ويجلس حتى يصلي الجمعة، ولم يحدثوا ركوعا بعد الأذان الأول ولا غيره، فلا المتنفل يعيب على الجالس، ولا الجالس يعيب على المتنفل،،،» انتهى.

قلت: معظم الناس على خلاف هذا، أما الإمام فيشرع له إذا خرج أن يرقى المنبر ولا يتنفل لا تحية المسجد ولا غيرها، وله أن يفعل ذلك في بيته أو مقصورته.

فإن قلت: فأين هذا من نهي الداخل إلى المسجد أن يجلس قبل أن يصلي ركعتين؟، فالجواب: أن السنة الفعلية خصصت ذلك، ولأن إمام الجمعة ينتظره الناس، والمبادرة إلى الجمعة مقدمة على مصلحة الركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>