للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو زيد عن هذه المقدمة: «إنها أبسط مما هنا، (يقصد عقيدة ابن أبي زيد)، وفي غاية النفاسة»، وشرح هذا المختصر القاضي عبد الوهاب بكتاب سماه (الممهد في شرح مختصر أبي محمد).

وقد سبق إلى هذا النهج مالك في موطئه، كما يعرف ذلك من قرأه، قال ابن شاس في أول كتاب الجامع في ختام مؤلفه الذي سماه (الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة): «قال القاضي أبو بكر: «هذا كتاب اخترعه مالك في التصنيف لفائدتين: إحداهما أنه خارج عن رسم التكليف المتعلق بالأحكام التي صنفها أبوابا ورتبها، والأخرى أنه لما لحظ الشريعة وأنواعها، ورآها مقسمة إلى أمر ونهي، وإلى عادة وعبادة، وإلى معاملات وجنايات، نظمها أسلاكا، وربط كل نوع بجنسه، وشذت عنه من الشريعة معان مفردة، لم يتفق نظمها في سلك واحد، لأنها متغايرة المعاني، ولا أمكن أن يجعل لكل منها بابا لصغره، فجمعها أشتاتا، وسمى نظامها كتاب الجامع».

واقتدى بمالك في هذا الأسلوب بعض أتباعه في تآليفهم، والغرض منه جمع المسائل التي قد لا يحتملها باب بعينه، في ربع من أرباع الفقه، التي هي العبادات والمعاملات والأقضية والجنايات، فجمعوها في أواخر التصانيف وسموها بالجامع، وقد يعقدون بابا بهذا الاسم في نهاية الحديث عن كتاب معين ككتاب الصلاة وغيرها، وهو يقترب من حيث إطلاق الترجمة بما سار عليه البخاري في بعض الأبواب التي اكتفى فبها بكلمة باب دون ترجمة، وأستبعد أن يكون ذكر الحديث ولم يتبين له ما يترجم به عليه كما أشار إليه بعضهم.

وقال ابن ناجي في بداية شرحه لكتاب الجامع: «سئل ابو محمد عن وضعه لهذا الباب مع أن فيه كثيرا من المكرر وهو مناف لشرط اختصاره، فقال: لما رأيت الناس زهدوا في العلم ورغبوا عن تعليمه، وقد أمرنا بنشر العلم بحسب الإمكان، قصدت إلى تجديد عيون ما تقدم، إذ الواجب على كل مكلف أن يحفظ عين ما كلف به، ويعمل على الجزم فيما خوطب به، وقد كان رسول الله يسلك بأصحابه سبيلا، فإذا رآى بهم مللا سلك بهم مسلكا آخر تنشيطا لهم وإذهابا للكسل»، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>