للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١١ - «فإذا دخل مكة؛ أمسك عن التلبية حتى يطوف ويسعى، ثم يعاودها حتى تزول الشمس من يوم عرفة، ويروح إلى مصلاها».

إذا دخل المحرم بيوت مكة؛ أمسك عن التلبية ليتفرغ للاشتغال بغيرها، فإن عليه المبادرة إلى الطواف والسعي، والمطلوب فيهما الإكثار من الذكر والدعاء، فإن كان حاجا؛ عاود التلبية بعد تمام طوافه وسعيه، كما قال المؤلف، وسيأتي له بيان وقت انتهائها عند الحاج، فلنرجئ الكلام عليه.

وقد روى مالك في الموطإ (٧٥٢) أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة، فإذا غدا؛ ترك التلبية، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم»، وفي الصحيحين أنه كان إذا دخل أدنى الحرم؛ أمسك عن التلبية، وحدث أن رسول الله كان يفعل ذلك»، ذكره الغماري في مسالك الدلالة، وفي الموطإ (٧٥٣) عن ابن شهاب أنه كان يقول: «كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت».

والمذهب التفريق في موضع قطع التلبية بين من أحرم من التنعيم أو الجعرانة؛ فإنه لا يقطع حتى يرى البيت، وبين من أحرم من الميقات؛ فإنه يقطعها عند بداية الحرم، وقريب من هذا التفصيل رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة (١/ ٢٩٧)، وعمدتهم ما تقدم من أثر ابن عمر، ومن حيث النظر فإن من أحرم من الميقات استدام التلبية أياما، وقل في وقتك إنه قد استغرق وقتا أطول في التلبية، أما من أحرم من التنعيم مثلا فإنه لا يفصله عن المسجد كبير مسافة، فكان عليه استدامتها إلى أقصى ما يمكن، وعللوا قطع التلبية قبل الطواف بأن «من حكم النسك أن يعرى بعضه من التلبية كالحج»، ذكره الباجي في المنتقى، ونقله عنه ابن العربي في المسالك كعادته، وبعض هذا التفصيل فيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>