مسجدان للحجاج، وبقاعهما مناسك، وللأمن فيهما من الرياء، بخلاف غيرها، فإنها على الأصل من اجتناب رفع الصوت بالذكر والدعاء، ولم يذكر مالك مسجد نمرة؛ لأن مذهبه قطع التلبية إذا خرج إلى مصلاها كما سيأتي للمؤلف، وقد حصل وهم للشيخ محمد بن إسماعيل الكحلاني في سبل السلام (٢/ ١٩٠)، ولغيره - ولعله نقل عنه - فنسب لمالك قوله:«لا يرفع صوته بالتلبية إلا عند المسجد الحرام، ومسجد منى»، وقد علمت أن مالكا إنما أراد الرفع في تلك المساجد دون غيرها من المساجد لا مطلق البقاع فتنبه، والرواية الأخرى عن مالك أن المحرم يرفع صوته في المساجد التي بين المدينة ومكة، وقياس قوله أنه يرفع صوته بين الميقات ومكة من جميع الجهات، إذ لا خصوصية لميقات المدينة في هذا الأمر.