للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو رد» (١)، وقال أيضا: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» (٢).

وقال الله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢]، قال ابن كثير: «ولم يقل أكثر عملا، بل أحسن عملا، ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله ﷿، على شريعة رسول الله ، فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين حبط وبطل».

وما أحسن ما قال تافضيل بن عياض عن آية سورة الملك: «أحسن عملا؛ أخلصه وأصوبه»، قالوا: «ما أخلصه وأصوبه»؟، قال: «إن العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، وإذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ما ابتغي به وجه الله، والصواب: ما كان على السنة».

هذا، وقد أمر رسول الله باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، كما في حديث العرباض بن سارية - وهو في سنن الترمذي وقال حسن صحيح - قال: «وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال:» أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة» (٣).

وعطف سنة الخلفاء الراشدين على سنته يدل على أنها ليست هي، فإن العطف يقتضي المغايرة، وقد اختلف في المراد منها، ولا ريب أن ما اجتهدوا فيه، وسكت عليهم باقي الصحابة يدخل في هذا المقام، ويستبعد أن يكون المراد من سنتهم ما اتفق عليه جميع الخلفاء، فإن هذا لا يكون حتى يموتوا، وقبل الولاية لم يكن الخليفة معروفا، وإنما قلنا بالمغايرة لأنه نظير قول النبي عندما سئل عن الفرقة الناجية، فقال: «ما أنا عليه


(١) رواه أحمد ومسلم (٤٥٩٠) عن عائشة.
(٢) متفق عليه: البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨) عن عائشة.
(٣) رواه أبو داود (٦٠٧) وابن ماجه ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>