فأما الحائض؛ فقال الغماري في مسالك الدلالة:«في مصنف ابن أبي شيبة ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: «كانوا إذا حضروا الرجل يموت أخرجوا الحيض»، وهذا لا حجة فيه، ومع ذلك فأنت تعلم أن أمر الحيض يخفى إلا على خواص المرأة في العادة، فكيف يكون هذا الأمر مما يكلف الناس فعله عموما؟، ولعله لذلك قال مالك:«ولا بأس أن تغمضه الحائض والجنب»، وأمر الحائض أخف من الجنب، لأنها لا دخل لها في انقطاع الدم، وقد اختلف العلماء في قراءتها القرآن فكيف بتوليها أمر الميت؟.
وقد صح أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل، أو تصاوير، إلا رقما في ثوب، وهو في صحيح مسلم عن أبي هريرة، والرقم المستثنى قيل ما لا ظل له، والظاهر كون الصورة غير تامة، وإلا فبحيث نكون ممتهنة، وهذا كله في استعمال ما هو موجود أما الإقدام على صنعه فبتناوله النهي والوعيد، ومن المعلوم أن المنهي عن اتخاذه من الصور ما كان من ذوات الأرواح، وفي المرفوع:«لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة»، رواه رواه أحمد والشيخان وغيرهما عن أبي طلحة ﵁، لكن من الحرج أن يأذن الشارع في اتخاذ الكلب للزرع والصيد والماشية ثم يقع التكليف بمنعه من دخول البيت مع ما في ذلك من العسر، وروى أبو داود (٢٥٥٥) عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس»، وإذا كان هذا خارج البيت ففيها يكون الأمر أولى، فالظاهر تخصيص المنع.
والمطلوب إبعاد ما ذكر مما صح الخبر فيه عن البيت مطلقا، لأن عدم دخول الملائكة البيت مما تقل به بركته وخيره، ووقت الاحتضار فيه زيادة على ما تقدم دخول الملائكة التي تقبض الروح فتتأذى بذلك.