أما ما ذكره ﵀ من وجود نساء في عهد النبي ﷺ لا أولياء لهن، ولم يُذكر أن النبي ﷺ زوجهن، ولا نصب من يزوجهن؛ فإنه من الأعاجيب في دفع العمل بالدليل، والتفصي منه بالقال والقيل، وما ذا لو قلبنا هذا الأمر على قائله، فقلنا هلم مثالا واحدا على أن امرأة زوجت نفسها من غير ولي، وأقر النبي ﷺ نكاحها، على أنه لو حصل؛ لما كان مستبعدا، ولو وقع هذا لما اختص بحكم الولي من بين سائر الأحكام، فإن التكليف مشروط بالعلم والاستطاعة، وبيان النبي ﷺ للشرع بقوله كاف، فمن علمه؛ لزمه العمل على وفقه، ومن لم يعلمه؛ فإنه غير ملوم لانعدام الشرط، ثم إن ما قاله غير مُسَلَّمٍ، فإن أخبارا عدة قد وردت بتزويج بعض الناس بناتهم أو غيرهن فبين الشارع حكم ذلك، ورد بعض الأنكحة، وخير النساء في بعضها، وجاءته الواهبة نفسها فزوجها من غيره، والظاهر من هديه أنها لم يكن لها ولي، وقد ترجم البخاري على الحديث بقوله: السلطان ولي، وهذا كاف في البيان والله المستعان، والمهتدي من هداه الله، وبعد كتابة هذا وقفت على كلام نفيس للعلامة الكحلاني في سبل السلام (٣/ ١٢٠) يرد فيه على تلك الشبهات التي في كلام ابن رشد، فارجع إليه إن شئت.