والخامس: هو إظهار الموالاة للكفار لأجل الإضرار بطائفة معينة من المسلمين بأن يستعين بهم عليهم في القتال، ويدخل في القسم الجاسوس الذي ينقل أخبار المسلمين للكفار، وقد اختلف الفقهاء في حكمه لكون الباعث له على ذلك قد يكون مصالح الدنيا والحصول على المال، وقد حصل هذا في عصور مختلفة من تاريخ المسلمين منها استعانة المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية بالجلالقة على المرابطين اللمتونيين، وقد قيل إن فقهاء الأندلس أفتوا بكفره فاعتقله يوسف بن تاشفين ولم يقتله.
وحصلت هذه الاستعانة في هذا العصر مرات كاستعانة بعض الدول المسلمة بأمريكا وغيرها لمقاتلة صدام حسين ومحاصرته في العراق بعد غزوه للكويت، ثم استعانة المعارضين العراقيين ولاسيما الشيعة بالحلف الأطلسي وغيره على غزو العراق،
فتسبب ذلك في مفاسد على جميع الصعد لا تبلغ عشر معشار المفاسد التي نسبت لصدام حسين ﵀.
وقد اختلف أهل العلم المعاصرون في هذه الاستعانة والصواب أنها معصية كبيرة، وقد ترتب عليها من المفاسد ما هو معروف، وشرها ما زال باقيا إلى اليوم، ومن هذا القسم هذه التي تسمى بالثورات وبالربيع العربي حتى إذا قمع الحاكم القائمين بها دعوا الدول الكافرة إلى إعانتهم، بل حصل هذا من بعض الهيآت كالجامعة العربية التي دعت الأمم المتحدة إلى التدخل في ليبيا، فقتل عشرات الآلاف في الجهاد المزعوم، ودمر البلد بحيث قدرت الخسائر التي لحقته بنحو مائتي مليار دولار على مختلف الصعد، والمستفيد الأول منها هو الغرب الكافر بشركاته، ولئن ذهب نظام مستبد ظالم فإنه لم يخلفه من يقيم الإسلام، وهل تُصَدِّقُ أن الحلف الأطلسي يقف إلى جانب من يقيم الشرع؟، وقد كنت أتوقع من الأيام الأولى لتلك الحرب أن تنقسم ليبيا فكان ما توقعته، فإنها يحكمها اليوم ثلاث حكومات، مما يسهل تعدد الولاءات فيها لدول الكفر كي تحقق مصالحها فيها ونفوذها، ولسنا ندري ما الذي ستسفر عنه الأحداث في سورية، وقد ينتهي نظام الأسد الظالم النصيري، لكن ما وجهة النظام الذي سيخلفه؟، وأي الجهات ستحتضنه؟.