للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصبت خلوة من رسول الله فدنوت منه، فقال: «قل»، فقلت: «ما أقول»؟، قال: «قل»، قلت: «ما أقول»؟، قال: «قل أعوذ برب الفلق» حتى ختمها، ثم قال: «قل أعوذ برب الناس» حتى ختمها، ثم قال: «ما تعوذ الناس بأفضل منهما»، أمره أن يقول وكرره عليه حتى يتشوف لما يلقى إليه، وفي رواية للنسائي ذكر سورة الإخلاص معهما، وفي سنن أبي داود والنسائي عن عقبة بن عامر الجهني قال: «بينا أنا أسير مع رسول الله بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة فجعل رسول الله يتعوذ ب (أعوذ برب الفلق)، و (أعوذ برب الناس)، ويقول: «يا عقبة تعوذ بهما، فما تعوذ متعوذ بمثلهما»، قال: «وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة»، لفظ أبي داود، وفي رواية: «فلم يرني سررت بهما جدا، فلما نزل صلى بهما صلاة الصبح للناس، فلما فرغ من الصلاة التفت إلي فقال: «يا عقبة كيف رأيت»؟، وقد صدر النسائي كتاب الاستعاذة بأحاديث الاستعاذة بالمعوذات ثم عقبها بأدعية أخرى في الاستعاذة للإشارة إلى أولوية المعوذات على غيرها.

وجاء في مشروعية التداوي حديث أسامة بن شريك قال، قال رسول الله : «تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم»، رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، والهرم بمفتوحتين كبر السن، اعتبر داء لأنه يعقبه الموت مثل الداء، وروى أحمد عنه قال: جاء أعرابي فقال: «يا رسول الله أنتداوى»؟، قال: «نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله»، وللحاكم من حديث أبي سعيد مرفوعا: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله إلا السام وهو الموت»، وهذا الحديث يفتح آفاقا واسعة للوصول إلى مداواة كل داء يظهر، والإنسانية تصل إلى ذلك بحسب تقدمها في البحث ومعرفة أسرار الخلق، والله هو الذي سخر ذلك للناس وهداهم إليه، لكن ذلك كما ترى يتواكب مع كثرة ظهور الأمراض والأوجاع التي لم تكن فيمن مضى كما جاء في الحديث عقابا من الله تعالى للناكبين عن سبيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>