ماجة عن نافع أن ابن عمر قال له: يا نافع قد تبيغ بي الدم، فالتمس لي حجاما، واجعله رفيقا إن استطعت، ولا تجعله شيخا كبيرا، ولا صبيا صغيرا، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول:«الحجامة على الريق أمثل، وفيه شفاء وبركة، وتزيد في العقل، وفي الحفظ، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة، والسبت ويوم الأحد تحريا، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء، وضربه بالبلاء يوم الأربعاء، فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء»، ولفظ الحديث ليس عليه المعهود من نور النبوة، وقد قال الألباني في صحيحته برقم (٧٦٦) بعد دراسة أسانيده، وذكر ما عثر عليه من المتابعات له:«وبالجملة فالحديث عندي حسن بمجموع هذه الروايات، والله أعلم».
وفي قوله النبي ﷺ:«وما أحب أن أكتوي» دليل على أن الاكتواء خلاف الأولى كما تقدم، لما فيه من التعذيب والضرر والحرق بالنار الذي لا يجوز أن يلجأ إليه إلا عند استنفاذ ما قبله مما يناسب المرض كالاستفراغ بشرب العسل، أو تنقية الدم بالاحتجام والفصد وغيرها، ولا يتداوى بما فيه ضرر أشد، إذا أمكن أن يتداوى بما فيه ضرر أقل، يدل على ذلك قوله ﷺ:«أو لذعة بنار توافق داء»، أي يعلم أنها علاج له، وروى أبو داود وابن ماجة عن عمران بن حصين قال: نهى النبي ﷺ عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحن ولا أنجحن»، نون الإناث إن صحت الرواية يحتمل عودتها للكيات المفهومة من الكي، قال كاتبه: الظاهر أن الكي نوعان: كي لأجل العلاج، وهذا هو الذي لم يحبه النبي ﷺ، وفيه ما تقدم من التفصيل، وكي لأجل إيقاف الدم عند قطع العرق ونحوه حيث لم يتوفر ما يوقف به الدم كما كان عليه الأمر عند المتقدمين، فهذا وسيلة إلى إنقاذ المجروح من الهلاك بسبب النزيف، ثم وقفت على كلام ابن قتيبة الذي نقله عنه الحافظ وفيه أنه أضاف إلى النوع الثاني كي الجرح إذا نغل، أي فسد وعفن بالتقيح ونحوه.