وقال الشيخ زروق: قال أبو القاسم الحكيم: «اليهود والنصارى أحسن حالا من الروافض وإن كانوا مسلمين، لأنه لو قيل ليهودي: من أفضل الناس؟، قال: موسى، فإذا قيل: من أفضل الناس بعده؟، قال: نقباؤه، ولو قيل للنصراني: من أفضل الناس؟، قال عيسى، فإذا قيل له من بعده في الفضل؟، قال: حواريوه، ولو قيل لرافضي: من أفضل الناس؟، قال: محمد ﷺ، فإذا قيل له: من شر الناس بعده؟، قال: أصحابه، فقبح الله رأيهم فيما أتوا من ذلك».
واعلم أن الناس إزاء ما شَجَرَ بين الصحابة أحد رجلين: رجل من العامة فالمطلوب منه أن لا يخوض في شيء من ذلك، بل يحب الصحابة كلهم، ويثني عليهم، وإن قام بنفسه حب بعضهم أكثر من الآخر فلا حرج عليه، لكن ينبغي أن يجاهد نفسه بحيث يكون هذا الحب متفاوتا بحسب المنزلة التي عرفها لهم اعتمادا على ما جاء في الأخبار يطوع نفسه لذلك كي يخرج من هواه، وهذا ما ينزل عليه قول المصنف:«والإمساك عما شجر بينهم».
أما الثاني فرجل من أهل العلم فهذا إن احتاج إلى الكلام في شيء من ذلك كمحاجة مخالف، أو رد شبهة، فعليه أن يتثبت مما ينسب إليهم أولا، وأن لا يظن بأحد منهم سوءا، فإن ما قد يصدر عن الواحد منهم مغمور في فضل الصحبة، فكيف إذا وجد لما صدر عنهم مخرجا في الحق، وعلى هذا ينزل قول المصنف:«وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر»، والخير في الإمساك عن ذلك، كيف وقد قال رسول الله ﷺ:«إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا»(١).
وقال الشيخ زروق:«وقد سئل ميمون بن مهران عن أهل صفين، فقال: «تلك دماء طهر الله منها أيدينا، فلا نخضب بها ألسنتنا».
(١) رواه الطبراني في «الكبير» (٢/ ٩٦/ رقم ١٤٢٧) وغيره عن ابن مسعود، وحسن إسناده العراقي في الإحياء، وهو في «الصحيحة» (٣٤).