للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها رضا الأمة به بأن تبايعه مبايعة عامة، أو ما يقوم مقامها، أو ما اعتبره العلماء كما في حالة المتغلب، ولم يلزم الشرع الناس بطريقة محددة في تولي الحاكم، ثم سياسة الأمة بشرع الله تعالى.

ودليل وجوب طاعة الأمراء والعلماء قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، وقد اختلف في أولي الامر من هم؟، فقيل العلماء، وقيل الأمراء، والمؤلف يرى أنهم الفريقان معا، فكل منهما إمام أي قائد في ميدانه، فإنهما إذا صلحا صلح الناس، والظاهر أن المقصود خصوص الأمراء فإنهم هم الذين تجب طاعتهم لزاما فيما ليس فيه نص ولا إجماع من الأمور التي لهم أن يجتهدوا فيها ليحققوا مصالح المسلمين، أما العلماء فإن فتاواهم غير ملزمة بنفسها كما هو شأن الأمراء، ولأن المفروض في الأمراء أن يكونوا علماء، وهذا القول هو الذي رجحه الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره.

وقوله تعالى منكم يعني من المسلمين، فإن الإجماع منعقد على عدم طاعة الكافر، وجاء ذلك في قول رسول الله : «،،، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» (١)، وقال النبي : «لا طاعة لمن لم يطع الله» (٢)، وهو صالح لأن يراد به الكافر، لكونه لم يطع الله أصلا، ولأن يراد به من أمر بالمعصية لكونه غير مطيع لله فيما أمر به، وإن كان مسلما، وجاء ذلك مصرحا به في قول النبي : «لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف» (٣)، وقال : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (٤).

واعلم أن أهل السنة على عدم منابذة الإمام الجائر والفاسق والخروج عليه، كما أنهم على وجوب مناصحة الحكام وقول الحق لهم ممن هو أهل لذلك بالطرق التي لا تثير الفتن، ولا نتشر القلاقل والتهييج، وقد يسر الله تعالى في هذا العصر من الوسائل ما ينبغي


(١) رواه البخاري (٧٠٥٦) من حديث عبادة بن الصامت .
(٢) رواه أحمد (١٣٢٢٥) عن أنس .
(٣) متفق عليه: البخاري (٧٢٥٧)، ومسلم (١٨٤٠) عن علي .
(٤) رواه أحمد (٤/ ٤٢٦) عن عمران .

<<  <  ج: ص:  >  >>