المذكورة فغير مطردة، وفي المسألة حديث أبي هريرة ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ:«من نسي وهو صائم، فأكل، أو شرب؛ فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه»، رواه الشيخان وأبو داود (٢٣٩٨)، والترمذي (٧٢١)، وهو كما ترى عموم يدخل فيه كل صائم، وقد حمله أهل المذهب على صوم التطوع لخفته بقرينة ما تقدم.
قال كاتبه: حمله على صوم الفرض أولى، لأن الفرض هو الذي يشترك في فعله المكلفون، وإنما يتطوع من شاء، قالوا: ولأن الحديث اقتصر فيه على الأمر بإتمام الصيام، ولم يذكر قضاء، ولا تعرض له.
قلت: النص المتقدم كاف في الدلالة على عدم القضاء، يدل عليه أنه قال فليتم صومه، فاعتبره صوما، وأمر بإتمامه، على أنه قد جاء ما هو نص في صوم رمضان عند الدارقطني:«من أفطر في شهر رمضان ناسيا؛ فلا قضاء عليه ولا كفارة».
قال القرطبي في تفسيره:«فزال الاحتمال، وارتفع الإشكال»، وقد علق ابن العربي القول به على صحته في شرحه المسمى بالقبس، وما دل عليه هذا الحديث نصا هو رواية أبي بكر الأثرم عن الإمام مالك، قال:«سمعت أبا عبد الله يسأل عمن أكل ناسيا في رمضان، قال: ليس عليه شيء على حديث أبي هريرة، ثم قال أبو عبد الله مالك: وزعموا أن مالكا يقول عليه القضاء، وضحك!!»، ذكرها القرطبي في تفسيره للآية (١٨٧) من سورة البقرة (٢/ ٣٢٢).
قلت: هذا كلام أحمد ﵀، وقد كنت أظن منذ سنين أنه كلام مالك لما في تفسير القرطبي من الإيهام لقوله: قال أبو عبد الله مالك وزعموا،،،»، ثم علمت أن الخلل الذي في نقل القرطبي هو الذي قادني إلى ذلك، وأن الأصل هو قال أبو عبد الله: مالك زعموا أنه يقول عليه القضاء، وضحك»، فظننت أن مالك عطف بيان وإنما هو مقول قول أحمد رحمهما الله، ثم إن الأثرم لم يسمع مالكا، وانظر الاستذكار لابن عبد البر (٣/ ٣١٩)، وللشيخ الطاهر بن عاشور في كشف المغطى كلام نفيس في تعليل الفرق بين إلزام المفطر الناسي بالقضاء في الصوم الواجب، وعدم إلزامه في التطوع، غير أنه إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ولا تداني صبغة الله صبغة.