تعالى عن القول بلا علم، وبين أن المرء سيسأل عما سمع وأبصر واعتقد، وروى أحمد والترمذي والحاكم عن ابن مسعود ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ:«استحيوا من الله ﷿ حق الحياء»، قال قلنا:«إنا لنستحي من الله والحمد لله»، قال:«ليس ذلك، من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله ﷿ حق الحياء»، وقوله وما حوى أي ما اشتمل عليه من الحواس الظاهرة والباطنة من السمع والبصر والعقل، والبطن وما وعى أي ما جمعه من القلب والفرج، وما اتصل بهما من اليدين والرجلين، فلا تطعم إلا حلالا، ولا تستعمل شيئا من ذلك في غير المشروع، والبلى بكسر الباء مصدر بلي الثوب يبلى إذا خلق، والمعنى أن تذكر صيرورتك في القبر عظاما نخرة، ومن أحسن ما قيل في مقام الإعراض عن سماع الباطل مع سلامة الصدر على الناس والعفو عمن أساء والقناعة بالقليل:
أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه … كأن به عن كل فاحشة وقرا
سليم دواعي الصدر لا باسطا أذى … ولا مانعا خيرا ولا قائلا هجرا
إذا شئت أن تدعى كريما مكرما … أديبا ظريفا عاقلا ماجدا حرا
إذا ما أتت من صاحب لك زلة … فكن أنت محتالا لزلته عذرا
غنى النفس ما يكفيك من سد خلة … فإن زاد شيئا عاد ذاك الغنى فقرا