للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نسب إلى أشهب أنها تصلى جماعة، قال الشيخ أحمد زروق: «وهوأبين».

قلت: وكذلك كونها مثل كيفية صلاة كسوف الشمس، فإن النبي جمع بينهما في سياق واحد، فقال: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة»، والصلاة التي أمرنا بالفزع إليها قد بينها بالنبي بفعله في كسوف الشمس فتكون صلاة خسوف القمر مثلها، ولا يقال إنها دلالة اقتران، وهي ضعيفة، فإني لا أحسبها هنا دلالة اقتران.

ثم يقال إن عدم صلاة النبي لها ليس مما يسلم، وما كسوف الشمس في الوضوح وتأثر الناس به، ومعاينتهم له؛ بمماثل لخسوف القمر بسبب أن الأول يظلم معه النهار، وهو ضياء، والثاني يظلم معه الليل، وهو مظلم في الأصل، وقد يأتي خسوف القمر والناس نيام.

وقد روى الشافعي في مسنده عن الحسن البصري قال: خسف القمر وابن عباس أمير على البصرة، فخرج فصلى بنا ركعتين، في كل ركعة ركعتان، ثم ركب، وقال: إنما صليت كما رأيت النبي يصلي»، وفي سنده محمد بن إبراهيم بن محمد، قال في التقريب مقبول، ومصطلحه في المقبول أنه لين الحديث ما لم يتابع، مع ما في الأثر من قول الحسن فخطبنا، وهو لم يكن بالبصرة حين ذاك، وفيه أمر آخر، وهو أن قول ابن عباس: «كما رأيت النبي يصلي»؛ لا يدل نصا على أن النبي صلى في خسوف القمر، لأن التشبيه يحتمل أن يكون في الصلاة نفسها لا في سببها، فيمكن أن يكون قد أخذ مشروعية الصلاة من ذكره الشمس والقمر، وأمره بالفزع إلى الصلاة.

وروى الدارقطني (الخسوف ٦) عن ابن عباس أن رسول الله صلى في كسوف الشمس والقمر ثمان ركعات، في أربع سجدات»، والحديث في مسلم والترمذي (٥٦٠) وقال حسن صحيح، لكن ليس فيه عندهما ذكر القمر، وقد قالوا إنه منقطع بين حبيب بن أبي ثابت وطاوس، قال ابن حبان ليس بصحيح، لكن قال في نصب الراية إسناده جيد، وسكت عنه عبد الحق في أحكامه، وابن القطان من بعده»، ومع ذلك فهناك آثار عدة أخرى تدل بمجموعها على أن الصلاة في خسوف القمر قد حصلت في عهده ، فانظر (الفتح ٢/ ٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>