الناس بالقرآن، فلا ينبغي كراهة ذلك في هذا الزمان، وتصح الإجارة عليها»، انتهى كلام الصعيدي، وقال نحوه الخراشي.
قلت: أين هذا التفصيل في قول مالك؟، ولم لم يفعله الناس في عصره للتبرك؟، أم أنهم كانوا مستغنين عنه؟، ثم إنه في نفسه غير ممكن، إذ كيف يقرأ المسلم القرآن وهو من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى، ثم يقول أنا لا أقصد أن فعلي سنة، وإنما أقصد التبرك، وكيف يتبرك بغير السنة؟، وما ذا بعد السنة غير البدعة؟، وليس الإلحاح هنا على رفض القراءة نفسها، وإنما المراد أن يبتعد عن تحميل أقوال الأئمة ما لم يريدوه كهذا التوجيه لكلام مالك، كما وجه كلامه في إبائه قراءة القرآن جماعة، وهو قوله:«لم يكن من عمل الناس»، ثم يضاف إلى هذا؛ القول بجواز أخذ الأجرة على هذه القراءة، قال زروق:«وما لم يصحبه العمل مما ورد الترغيب فيه فليس بمندوب عند مالك، لأنهم كانوا أحرص على الخير، وأعلم بالسنة، وما تركوه إلا لأمر عندهم فيه»، يريد زروق بيان قاعدة عند مالك وهي اعتماده على العمل، فإذا رأى الناس لم يعملوا بما ورد الترغيب فيه كان موقفه منه ما عرفت، فكيف بقراءة يس التي لم يصح فيها النقل، ولا وجد العمل به؟، فالله الله في دينكم أيها الناس، لكن في تقييد الأخذ بالسنة بعمل الناس شيء، إلا أن يجمعوا على خلافها، وأين هذا من ترك جهة بعينها لها؟، وقد لا يستقسم القول بأنهم أطبقوا على تركها.