فاستسقى، فقام بهم على رجليه على غير منبر،،، الحديث، ويظهر أن المنبر ليس من السنن في هذه الصلاة، بل فيه سعة، وقد مال الحافظ إلى أن البخاري أراد برواية الأثر المتقدم تفسير المراد من دعاء النبي ﷺ قائما كما في حديث عبد الله بن زيد الذي رواه بعده برقم (١٠٢٣)، وفي المجموعة قال أشهب:«وواسع أن يخرج فيها بالمنبر أو لا يخرج».
ونص المؤلف على أن في الاستسقاء خطبتين، وهو ما عليه الجمهور، وكل الخطب عند مالك كذلك، وذهب صاحب أبي حنيفة أبو يوسف، وقيل ومحمد بن الحسن أيضا، ومنهم ابن مسلمة، وأبو مهدي إلى أن في الاستسقاء خطبة واحدة، (انظر شرح ابن ناجي، وشرح الزرقاني على الموطإ، ونصب الراية للزيلعي)، ومن الأدلة على ذلك قول ابن عباس في وصفها:«ولم يخطب خطبتكم هذه».
قال في نصب الراية:«نفى النوع، ولم ينف الجنس».
قلت: الظاهر أنه لا يريد نفي الخطبتين، لأنهما حيث شرعتا كما في الجمعة؛ فليستا منسوبتين لهم من حيث العدد، ويستبعد أن يكون ابن عباس يعلم أن في الاستسقاء خطبة واحدة ثم لا يصرح بذلك، فالظاهر أنه يعني ما قاله ابن العربي:«وإنما أشار ابن عباس إلى عادة النبي ﷺ في أنه لم يكن أمره كله بتكلف، ولا بتصنع، وإنما كان بحسب ما يقتضيه الحال، وما يحضره من المقال»، نعم قد يتجه الاحتجاج على أن في الاستسقاء خطبة واحدة بحديث عائشة الذي رواه أبو داود وقد تقدم، فإنه يحتمل ذلك احتمالا قويا، وقد احتج به على ذلك المعلق على شرح السنة للبغوي، قال: فإن فيه؛ أنه خطب خطبة واحدة».