«استسقى رسول ﷺ، وعليه خميصة له سوداء، فأراد رسول ﷺ أن يأخذ أسفلها، فيجعله أعلاها، فلما ثقلت؛ قلبها على عاتقه»، وفي رواية لغير أبي داود بيان للقلب:«فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن»، قال الحافظ:«وقد استحب الشافعي في الجديد فعل ما هم به النبي ﷺ من تنكيس الرداء مع التحويل الموصوف،،، والجمهور على استحباب التحويل فقط، ولا ريب أن الذي استحبه الشافعي أحوط»، وقد علق العلامة ابن باز إمام الأمة في عصره على كلام الحافظ بقوله:«ليس الأمر كما قال الشارح، بل الأولى والأحوط هو التحويل بجعل ما على الأيمن على الأيسر، وعكسه، لأن الحديث بذلك أصح وأصرح، ولأن فعله أيسر، وأسهل»، انتهى، ويشعر قارئ كلامه ﵀؛ بأنه يرد على الحافظ اختيار صفة القلب وحده، لا الجمع، والحافظ إنما ذكر أن الجمع بينهما أحوط.
والصواب إن شاء الله: أن من عسر عليه الجمع بينهما اكتفى بالتحويل، وأين نحن من الألبسة التي يسهل معها واحد من هذين؟، فإن التحويل إنما يشرع إذا كان على الإمام رداء، وهو عند أهل المذهب من مستحبات الإمامة، والذي يصدق عليه ذلك من ألبستنا البرنس إذا كان موضوعا على الكتفين كما هو العادة عندنا، ولم يعد من الأئمة من يلبسه إلا النزر اليسير منهم، أما إن كان عليه غيره مما يتكلف في تحويله وقلبه، بحيث لا يتمكن من ذلك إلا بعد نزعه كما هو غالب ألبستنا اليوم ومنها الجلابة فضلا عن القميص والمعطف؛ فالظاهر أنه لا يطالب بذلك، وقد نص بعض أهل العلم على أن الرداء مقصود في التحويل المذكور كما هو في شرح زروق وغيره.
وفي العتبية قال ابن القاسم: «كره مالك الصلاة بغير أردية في المساجد، وقال يقول الله سبحانه: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)﴾ [الأعراف: ٣١]، وفي الواضحة: كره مالك في الجماعة الصلاة بقميص بغير رداء، إلا المصلي في بيته، وإن كان يستحب له أيضا الصلاة في ثوبين»، (النوادر: في لباس الرجل في الصلاة)، وإذا كان هذا شأن المأموم في المسجد، لا يصلي بغير رداء، فكيف بالإمام؟، وكيف بمن يصلون في السراويلات الضيقة التي تصف العورة وصفا فاحشا، فضلا عما فيها من الكتابات والصور، ولله عاقبة الأمور.