للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب لما فيه من العسر.

قال الباجي في المنتقى (٦/ ١٤٥): «فأما الديون التي جرت العادة أن تنعقد بها العقود ليست مما يتكرر كالديون التي لها قدر الأمانات من الودائع والوصايا تكون بيده من مال أيتام أو غير ذلك فإنه يجب عليه ذلك، وأما ما يكون من يسير الديون التي تتكرر، وتؤدى في كل يوم، وتزيد وتنقص وتتجدد، فإن ذلك يشق فيها، لأنه يقتضي أن تتجدد وصيته كل يوم،،،»، انتهى.

وتحرم الوصية إذا كانت بمعصية كالإيصاء بشيء لمن يشرب به خمرا، قال النفراوي في شرحه على الرسالة (٢/ ٢١٧): «وأما متولي أمر التركة بعد موت الموصي فيجب عليه تنفيذ حتى المباحة والمكروهة كالإيصاء بالقراءة على قبره، وكالإيصاء بضرب قبة عليه لغير المباهاة، وكالإيصاء بالحج عنه، أو الإيصاء بعمل مولد له بعد موته، أو للنبي ، أو لغيره من صلحاء المسلمين»، انتهى.

فانظر كيف جعل الوصية بالحج مكروهة إلى جانب الوصية ببناء قبة لغير المباهاة ومعها عمل مولد له أو للنبي ، أو لغيره من الصلحاء؟، والقراءة على القبر، فمتى كانت المباهاة قيدا في المنع مما نهي عنه وهي منهي عنها لذاتها ولو كان ما رافقته عبادة لله؟، أو لم ينه النبي عن البناء على القبر؟، أو لم يبعث عليا على أن لا يترك تمثالا إلا طمسه، ولا قبرا إلا سواه؟، ومن المعلوم أن مذهب مالك عدم القراءة على الميت لا وقت الاحتضار ولا في أثناء الدفن ولا فيما بعد ذلك، وهل عمل واحد من القرون المفضلة مولدا للنبي أو أوصى به لنفسه، أو لغيره، ولو تركت وسائل تعظيم النبي للناس لما توقف الناس عند حد، والواقع شاهد على هذا، والصواب: أنها توقيفية، فلا يُعَظَّمُ إلا بما شرعه هو، فقل أيها القارئ لهذا الكتاب وقد لا تملك سوابق العبرات كما قال الأولون: متى يستقيم الظل والعود أعوج؟، قال ابن حزم في المحلى (٩/ ٣٢٧): «لا تحل وصية في معصية سواء من مسلم أو من كافر، كمن أوصى ببنيان كنيسة لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (٢)﴾، ولقوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ (٤٩)[المائدة: ٤٩]، فمن تركهم ينفذون خلاف حكم الإسلام فقد أعانهم على الإثم والعدوان»، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>