أن الكراهة إنما تكون إذا كان المقصود الاعتماد، بدليل عنوان الباب، ثم بدليل استثناء النافلة لأنها لا يجب فيها القيام، وإنما ينقص في الجلوس الأجر إلى النصف، وبدليل أن مالكا ﵀ قد أورد حديث القبض في الموطإ، كما أن سحنون ﵀ أورد ما رواه عن ابن وهب عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب رسول الله ﷺ أنهم رأوا رسول الله ﷺ واضعا يده اليمنى على اليسرى في الصلاة»، وسحنون هو الراوي عن ابن القاسم هذا الأمر عن مالك، وكثيرا ما لا ينظر الناس إلى الأحاديث والآثار التي تذيل بها أبواب المدونة، وهي ما بين مؤيد للأقوال المروية عن الإمام أو غيره، ومعارضة.
وقد نقل الباجي في (المنتقى ١/ ٢٨٠ و ٢٨١) عن بعض العلماء قوله معلقا على رواية ابن القاسم: «ليس هذا من باب وضع اليمنى على اليسرى، وإنما هو من باب الاعتماد»، ثم علق الباجي عليه قائلا:«والذي قاله هو الصواب، فإن وضع اليمنى على اليسرى إنما اختلف فيه هل هو من هيئة الصلاة أم لا، وليس فيه اعتماد، فيفرق فيه بين النافلة والفريضة،،،».
والمعنى في وضع اليد على الأخرى كما قال في العارضة:«الوقوف بهيأة الذلة والاستكانة بين يدي رب العزة ذي الجلال والإكرام، كأنه إذا جمع بين يديه يقول: لا دفع، ولا منع، ولا حول أدعي ولا قوة، وها أنا في موقف الذلة فأسبغ علي فائض الرحمة».