للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منا»، لأن المسلمين يوافق باطنهم ظاهرهم، والغاش يرى الشيء فاسدا ويظهره في صورة الصالح، فكان بهذا المعنى ليس من جماعة المسلمين، والله أعلم.

والخلابة الخديعة بالقول اللطيف كذا في النهاية لابن الأثير، والخديعة أعم منها، ومن ذلك أن يكذب في ذكر ثمن ما يريد بيعه بأن يقول اشتريت هذه السلعة بكذا، أو بغير الكلام كأن يكتب عليها أنه اشتراها ب (١٠٠) دينار، وأن ثمن بيعها هو (١٢٠) د، ومن الخلابة أن يقول له تعال اشتر مني وأنا أرخص لك، أو يعطيه شيئا مما يريد بيعه ليأكله، أو يدعوه إلى الجلوس ليستهويه، ومما يفعله كثير من التجار اليوم أنهم يضعون صفوفا من حبات الخضر والفواكه مختارة في الجهة التي يراها المشتري، وإلى جهة البائع غيرها رديء ثم يزن من الرديء، أو يجعل أعلى الصندوق جيدا وأسفله رديئا، أو يتعمد تنضيد اللحم على شكل يستهوي النظر، ويجعل الشحم من جهته بحيث لا يراه المشتري، وما أكثر الباطل.

وعن قيس بن سعد قال: «لولا أني سمعت رسول الله يقول: «المكر والخديعة في النار لكنت من أمكر الناس»، وهو في الصحيحة للألباني برقم (١٠٥٧).

وقوله «و لا كتمان العيوب، ولا خلط دنيء بجيد»، هو تكرار أو بيان لمعنى التدليس والغش، ولما كانت العيوب قد تتفاوت باعتبار المشترين نبه على خصوصها بعد بيان امتناع عمومها في قوله: «ولا أن يكتم من أمر سلعته ما إذا ذكره كرهه المبتاع، أو كان ذكره أبخس له في الثمن».

ومن ذلك أن يبيع للمسلم ثوب الكافر، أو المجذم، أو الميت، مع علمه بكراهة المشتري لذلك، وكبيعه ثوبا على أنه جديد، لكنه غسل لسبب غير الاستعمال كالتنجس، وقد جاء في الحديث ما يؤخذ منه إثبات الخيار ثلاثة أيام لمن يخدع في البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>