فإن القبول يراد به أحيانا صحة العمل في الظاهر، ولا يلزم منه أن صاحبه يؤجر عليه، ويراد به عدم الأجر عليه وإن كان مجزئا عند أهل الفقه، فنفي القبول في مثل قول النبي ﷺ:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»، وقوله:«لا يقبل الله صلاة من غير طهور ولا صدقة من غلول»، وكذا ما جاء في شارب الخمر من أنه لا تقبل له صلاة أربعين صباحا،،، الحديث»، رواه أحمد والنسائي عن عبد الله بن عمرو، المراد منه ما ينبغي أن يتوفر في العمل في الظاهر مما يعرفه الناس، وما كل من صلى وقد ستر ما يلزم ستره، وصلى متطهرا، واستكمل ما ينبغي في صورة الصلاة بمأجور عليها، ولا كل من تصدق من ماله الحلال بمقبول عمله بحيث يؤجر عليه، واعتبر بقول النبي ﷺ الذي فيه أنه يؤتى بالمجاهد وقارئ القرآن وغيرهما فيدخلون النار لأنهم فعلوا ما فعلوا ليقال ذلك وقد قيل، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)﴾ [البيِّنة: ٥]، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١)﴾ [الزُّمَر: ١١]، وقال النبي ﷺ:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى … »، رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن عن عمر ﵁.
قال أبو الحسن في شرحه:«فدخل في وجه الله الكريم مرتبتان: الكاملة، بأن لا يقصد جنة ولا نارا، والناقصة بالنسبة لها، بأن يقصد دخول الجنة، والبعد عن دخول النار»، انتهى، وبيس هذا بصحيح، فإن الأمرين غير متنافيين، وحول الجنة يدندن كل الناس حتى الأنبياء والمرسلون، والمؤمن عليه أن يوطن نفسه على طاعة الله، وأن يعتقد أن في ذلك مصلحته، علمها أو جهلها، وأن يتشوف إلى دخول الجنة بفضل الله، وأن يخاف دخول النار، فما قاله غير لازم وقد لا يمكن، وإن قالت رابعة العدوية رحمها الله فيما نسب لها:
كلهم يعبدون من خوف نار … ويرون النجاة حظا جزيلا
أو لأن يسكنوا الجنان فيحظوا … بقصور ويشربوا سلسبيلا
ليس لي في الجنان والنار حظ … أنا لا أبتغي سواك بديلا
ويقابل الإخلاص الرياء بالعمل والتسميع به، وهو أن يعمل ليراه الناس، أو