الواو، مبني للمجهول، أي يتكلفون الصوم بمشقة، فيفطرون ويُكَفِّرُونَ.
ويخالف رواية ابن عباس هذه ما رواه أبو داود (٢٣١٨) عنه في الآية وهو قوله: «كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام؛ أن يفطرا ويطعما كل يوم مسكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا»، قال أبو داود:«يعني على أولادهما»، فهذه الرواية فيها المخالفة للتي قبلها في أمور منها إثبات الاستطاعة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، والكبير المستطيع وغيره في التكاليف سواء، وإنما الترخيص لمن لم يستطع، ومنها ما ذكره من أن الآية تشمل الحبلى والمرضع، لكن هذا لا يعد اضطرابا، لأن الرواية الأولى لا حصر فيها، والثالث قوله كانت رخصة،،، فإن معناه أنها نسخت، ولذلك حكم عليها المحدث العلامة الألباني بالشذوذ كما في الإرواء (ح/ ٩١٢) وبين أن الشذوذ أتاها من اختصار أصل الحديث اختصارا أخل بالمراد منه.
ومن أدلة المسألة؛ قول النبي ﷺ:«إن الله ﷿ وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم»، رواه أبو داود (٢٤٠٨) والترمذي (٧١٥) وحسنه عن أنس بن مالك القشيري، فجمع ﷺ بين المسافر والحبلى والمرضع في نسق واحد، وهذه دلالة اقتران، وهي وإن كانت ضعيفة؛ فإذا لم يأت ما هو نص يجب الأخذ به في تفسير الآية؛ اعتمد على ما دل عليه ظاهر الحديث من تساوي الثلاثة في القضاء باعتبار وجوبه على المسافر بالإجماع، وبالقياس عليه في الحبلى والمرضع، وهو الذي أميل إليه، وقد يختلف الأمر إذا توالى على المرأة الحمل والإرضاع، بحيث ينقضي الوقت الموسع، ولا تتمكنان من القضاء، ومثلهما كل من كان عليه صوم لم يتمكن من قضائه حتى انقضى الوقت الموسع؛ فليقل هنا بالفدية، ثم وجدت أن هذا مذهب الشافعي وغيره، وحكاه ابن المنذر عن مالك وغيره، ولينظر هنا شرح المهذب للنووي ﵀، ففيه بيان القائلين بهذا فلله الحمد.
أما ما ذكره المؤلف من الشرط في المرضع بقوله «ولم تجد من تستأجر له، أو لم يقبل غيرها»؛ فهو محل نظر، ومثل الأم المرضع المستأجرة متى كانت في حاجة إلى الأجرة، والله أعلم.