وجعل أجر العافي على الله، وحسبك بذلك فضلا، وقال رسول الله ﷺ:«ليس الواصل بالمكافئ،،،»، الحديث، وقد تقدم، والمعنى أن الصلة التي يتشوف إليها الشرع ليست هذه المنزلة التي تظل في حيز التبادل والمكافأة، وفي المقابل فإن الشرع وإن أجاز رد الظلم فإنه ندب إلى العفو.
وقد كان مسطح بن أثاثة من الخائضين في حديث الإفك المفترى على أم المؤمنين فتغيظ عليه أبو بكر الصديق ﵁ وهو ابن خالته، فقطع عنه النفقة، فلما تاب مما بدر منه وأقيم الحد على من أقيم عليه، أنزل الله في ذلك قوله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)﴾ [النور: ٢٢]، فقال أبو بكر:«بلى والله، إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا»، وعاد إلى ما كان عليه من نفعه.
وقد كتب ابن القاضي شرف الدين ابن المقري صاحب الروض إلى أبيه وقد قطع نفقته يحتج عليه برجوع أبي بكر الصديق للإنفاق على مسطح، فرد عليه أبوه بأن مسطحا قد تاب، ذكر هذه القصة القاسمي في تفسيره، وهذا ما تبادلاه من الأشعار: