للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبي: «ويظهر أنها كلها رقية، إذ لم يبين أن فيها رقية»، انتهى.

ويؤخذ من تتبع الروايات في هذا الحديث أن المرقي كان غير مسلم فيستدل به على جواز رقية غير المسلم بالقرآن، والله أعلم.

وقوله: «وبالكلام الطيب»، هذا من جملة ما يرقى به وهو الكلام العربي المفهوم مما فيه ثناء على الله تعالى وسؤاله ودعاؤه، وفي البيان والتحصيل: «سئل مالك أيرقى الرجل ويسترقي»؟، قال: «لا بأس بذلك بالكلام الطيب»، انتهى، وقال الشيخ على العدوي في بيان معنى الكلام المفهوم: «معناه المحتوي على ذكر الله ورسوله والصالحين من عباده»، انتهى، وهو أيضا عند الشيخ زروق.

قلت: إن كان المراد من ذكر رسول الله الصلاة عليه بين يدي الدعاء فنعما ونعمة عين، فإن كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد ، وصلى الله وسلم على جميع الأنبياء، وإن كان المراد التوسل إلى الله تعالى باتباع الراقي إياه وطاعته له أن يشفي المريض فكذلك، أما إن كان المراد سؤال الله تعالى بجاهه فلا، أما الصالحون فما وجه ذكرهم هنا؟، نسأل الله تعالى أن يدخلنا برحمته فيهم، ويعصمنا من الزلل.

وقال ابن وهب: سألت مالكا عن المرأة ترقي بالجريدة والملح وعن الذي يكتب الكتب للإنسان، ليعلقه عليه من الوجع، ويعقد في الخيط الذي يربط به الكتاب سبع عقد، والذي يكتب خاتم سليمان في الكتاب، فكره مالك ذلك كله، وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم، وكان للعقد في ذلك أشد كراهية، وكان يكره العقد جدا»، أورده ابن عبد البر في الاستذكار.

والذي كان النبي يفعله ما رواه الشيخان عن عائشة قالت: كان إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه، ثم قال: «أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة عن ابن مسعود، والذي عند ابن ماجة هو عن عائشة في موضعين من سننه، فيصحح ما في الجامع الصغير من جعله من رواية ابن مسعود، والله أعلم، ومعنى لا يغادر سقما لا يترك مرضا إلا ذهب به.

<<  <  ج: ص:  >  >>