مفتقرة إلى أن تشرح بالسنة أو تبين كما هو الشأن في غير العقائد من الأحكام، اللهم إلا ما كان من الحاجة إلى تمحيص الروايات، حتى يعتمد أرجحها كما في حديث إن الله تعالى خلق آدم على صورته، أو ما كان من باب زيادة العلم، وقد جاءت النصوص في حق مولانا بالإثبات المفصل والنفي المجمل.
- والمطلوب هو إبقاء النصوص على ظاهرها، فإن كانت في صفات الله تعالى أمرت من غير تأويل، ولا تكييف ولا تمثيل، مع اعتقاد التنزيه الذي لا يختلف المسلمون فيه، فالمجهول إنما هو الكيف، أما الكلمات فإنها عربية نعرف معانيها، فلا يصح أن يقال إننا نجهلها، وإلا للزم من ذلك أن يخاطب الناس بما لا يعلم معناه في أعظم ما تجب عليهم معرفته، وكثير مما نتمتع به في حياتنا ونعرف آثاره واستعمالاته ونجني ثمار تطبيقاته نطلق عليه ألفاظا نعرف معانيها ولا ندرك كيفية حصول ما أطلقناها عليه كانتقال الأصوات والكهرباء والصور والرسائل وغيرها، وهي من عالم الشهادة، فلم نضيق ذرعا بعالم الغيب فلا نرتاح إلا إذا أولناه وأخضعناه لعقولنا؟، ولا يخفى أن التأويل ضرب من التعطيل، ويكفينا أن السلف تلقوا النصوص بالقبول والإذعان، ولم يسألوا عن معانيها، وما ذلك إلا لأنها معروفة عندهم، ولا أثارت في نفوسهم شبهة التمثيل، فاعترضوا على ظاهرها، فكيف يظن بهم جهلهم أعظم ما ينبغي أن يعرفوه ثم يسكتوا فلا يسألون عنه؟، وقد كانوا يسألون عن كثير من التفاصيل، فالتفويض إذا ورد في كلام السلف أو في كلام أهل العلم الذين اقتفوا آثارهم يكون المراد به ليس التفويض التام في المعنى والحصول، بل التفويض في كيفية الحصول، وربما جاء ما يعكر به على هذا الذي ذكرته من كلام بعض المتقدمين، ويدل على ذلك قول مالك بن أنس ﵁ لما سئل عن الاستواء فقال:«الاستواء معلوم، والكيف مجهول»، ولا يخفى أن التفويض في المعنى يلزم منه تجهيل رسول الله ﷺ حاشاه، وكذا السلف الصالح، وكل من قال بإمرار نصوص الكتاب والسنة التي في صفات الباري، ويلزم منه أن أعظم ما في القرآن وهو صفات الله ﵎ لا يفهم القارئ لها معنى، فتكون ألغازا وأحاجي حاشا أن يكون كتاب الله كذلك.
وإذا عرفت أن التأويل في العقيدة غير مقبول فاعلم أن الباعث عليه هو ما قام في