للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطيت الحكم لقيامها مقامه، ونظيره أن النبي فضل الفارس على الراجل في الغنيمة، فهل يقال إنه لا يفرق في قسمة الغنيمة بين مجاهد وآخر في هذا العصر مهما اختلف غَناء هذا عن هذا، ومهما كانت الوسيلة التي يستخدمانها في القتال، لو كان المسلمون قادرين على جهاد الطلب، والحال أنّ الخيل لا تستعمل في القتال؟، إن الزكاة وإن كانت من العبادات التي الشأن فيها ترك القياس، بالنظر إلى بعض أمورها كالمقادير المخرجة حسب الأصناف، ومتى يجب الإخراج من مختلف الأصناف؛ إلا أنها معقولة المعنى من جهة مواساة الفقراء وسد حاجتهم، والقيام بشؤون المصارف الأخرى، ولذلك حصل الخلاف في لزوم النية لها، كما جرى الخلاف في جواز إخراجها قبل وقتها، فالقول بعدم وجوبها في غير تلك الأصناف الأربعة يلزم عليه عدم إخراجها من الحرث في بعض الأزمنة والأمكنة، ولا ريب أن هذا القول عظيم، وقد يقال إن أموال الناس معصومة فلا يجوز الإقدام على أخذ شيء منها إلا بدليل ناهض، وهذا حق، لكننا هنا بصدد شيء قد دل القرآن بظاهره عليه، وأخذ به بعض سلف هذه الأمة، كعمر بن عبد العزيز وغيره، وأيده بعض كبار أهل العلم من أصحاب المذاهب، مع توفره على معنى المواساة الذي هو من مقاصد الشرع في الزكاة، والنص الذي اعتبر مخصصا اختلفت الأمة في ثبوته وفي دلالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>