للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنده ضعيف كما في التعليق المغني، وروى مثله ابن ماجة (١٨١٥) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قولَه مثل قول عمر، وزاد الذرة، وإسناده واه كما قال الحافظ في التلخيص الحبير (ح/ ٨٣٨)، وقال الزيلعي في نصب الراية (٢/ ٣٨٩): «وأما أحاديث إنما تجب الزكاة في خمسة»؛ فكلها مدخولة وفي متنها اضطراب»، انتهى، ثم ساقها.

وألفاظ هذه الأحاديث كما ترى متفاوتة الدلالة، فقول عمر : «إنما سن رسول الله الزكاة في هذا الخمسة - مع ضعف سنده - ليس فيه دلالة على المنع من الأخذ من غير الخمسة إذا وضع في الحسبان احتمال كون ذلك مراعى فيه الواقع، والأثر الذي رواه اليهقي وفيه أن معاذا وأبا موسى لم يأخذا إلا من الأربعة ليس مرفوعا، فضلا عن كون غير الأربعة ليس بالضرورة أن تكون حبا مقتاتا في البلد الذي توجها إليه، فيقال إن ما كان مقتاتا في غير ذلك البلد ألحق به.

أما المرفوع الذي فيه الحصر وهو أقوى الأدلة فإنه إذا سلم ثبوته احتمل أن يكون الراوي حاكيا لتصرف معاذ وأبي موسى بتنزيله فعلهما منزلة ما أمر به النبي ، واتحاد المخرج لا يبعد معه هذا المعنى الذي قد يحمل عليه الحديث رعاية لظواهر القرآن الكريم حتى يجمع بين هذه الآثار وبينه، لكن هذا الحمل بعيد لما يلزم عليه من إبطال حجية الأحاديث بمجرد التوهمات والظنون.

أما الذي عليه الأمة فإن من ثبت عنده هذا المنقول رآه مخصصا لعمومات القرآن، فذهب إلى القول بحصر زكاة الحرث في الأربعة، وهو ما قال به بعض الأئمة الأعلام، منهم ابن عمر، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والحسن، وابن سيرين، وأبو عبيد، وابن زنجويه، لكن لا يبعد أن يكون ما في الحديث حصرا إضافيا لكون هذه الأربعة هي التي كانت قوتهم في ذلك البلد، فما كان في معناها مما هو قوت للناس في غيره وجبت فيه.

وقد أشار إلى هذا المعنى أبو عبيد في كتاب الأموال (النص ١٤٠٩) وإن لم يكن قصده بهذا القول هو قصدي، فقد قال موجها قول من حصرها في الحنطة والشعير والتمر: « … ، فذهبوا إلى أن رسول الله إنما حكم على العرب في صدقاتها بما يعرف من أقواتها، مما هو طعام لها في حاضرتها وباديتها، فلم تكن إلا هذه الأصناف الثلاثة،،،»، انتهى،

<<  <  ج: ص:  >  >>