ووجه الشغار وهو أن يسمى لكل واحدة من المرأتين صداقا، فيكون المحذور فيه اشتراط تزويج هذه بتلك، وهذا يفسخ قبل البناء لا بعده، وقد تقدم وجه التفريق بين الفسخ قبل الدخول وإمضائه بعده من كلام ابن عبد البر، ولكل من المرأتين حينئذ الأكثر من مهر المثل والمسمى، يعني إن كان الصداق المسمى لكل منهما يساوي مهر المثل اكتفي به، وإن كان أكثر ترك لها، وإن كان أقل من مهر المثل زيد فيه ليبلغه، وإنما قالوا ذلك؛ لأنه قد يكون لشرط مقابلة التزويج بالتزويج؛ تأثير في نقص الصداق عن صداق مثيلات المرأة، ويدل على أن وجه الشغار داخل في الشغار ما رواه أبو داود (٢٠٧٥) عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وكانا جعلا صداقا، فكتب معاوية إلى مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه:«هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله ﷺ»، وقد احتج به الألباني ﵀ في التعليقات الرضية (٢/ ١٧٣) لمذهب الجمهور القائلين بالبطلان، لكن الحديث ليس فيه بيان م إذا كان ذلك قبل الدخول أو بعده.
وسمي الثالث مركبا لأن فيه اشتراط التزويج مع إسقاط الصداق من جهة فقط، فهو أشد من الثاني ودون الأول، وحكمه أنه يفسخ قبل البناء، أما بعده فيثبت نكاح المرأة التي سمي لها بالأكثر من صداق المثل والمسمى، وقيل بصداق المثل، والأول هو الراجح عندهم، أما من لم يسم لها؛ فيفسخ نكاحها، وليس لها إلا صداق المثل، والمراد بمهر المثل أن يفرض للمرأة نظير ما يفرض لمثيلاتها في الحال، وهو الدين والحسب والنسب والمال والجمال، ولا ينظر في ذلك إلى أختها وقريباتها، إذ قد يزوج الفقير لقرابته بصداق أقل من صداق المثل، ويزوج البعيد لغناه بصداق أكثر من مهر المثل، وإثبات النكاح بعد الدخول مهما قيل به إنما يكون إذا لم يمنع منه مانع آخر كأن تزوج المرأة كارهة على ما تقدم.