فريضة، وروى أبو داود (١٧٧٠) عنه قال: «خرج رسول الله ﷺ، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه؛ أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه»، وهو ضعيف أيضا، وهذا وإن كان ظاهرا في ركعتين غير الفريضة، لكن ينبغي صرفه عن ظاهره لموافقة ما في حديث ابن عباس عند مسلم (١٢٤٣) أن النبي ﷺ صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها، ثم ركب راحلته،،، الحديث، فإنه نص، ووجه دلالته أن الثابت عنه ﷺ عدم التسبيح في السفر، فيكون قد أحرم عقب صلاة الظهر، ولا يضره مخالفته لظاهر حديث أنس عند البخاري (١٥٥١) الدال على أنه أحرم بعد الصبح، فإن الأول نص، وبهذا يتبين لك أن لا وجه لما قاله الأبي ﵀(٤/ ٣٠٥) من عدم منافاة هذا التنصيص على الإحرام عقب الفريضة للإحرام عقب النافلة، وفي حديث جابر الطويل:«فصلى رسول الله ﷺ في المسجد، ثم ركب القصواء،،، فأهل بالتوحيد،،،».
وقد ذهب بعض أهل العلم ومن المعاصرين منهم الألباني ﵀ إلى أن من أحرم من ذي الحليلفة يستحب له بخاصة الصلاة بها لبركة المكان وخصوصيته لا للإحرام أسوة بالنبي ﷺ، فقد قال عمر:«سمعت رسول الله ﷺ يقول: أتاني الليلة آت من ربي، فقال: «صلّ في هذا الواد المبارك، وقل عمرة في حجة»، قال الحافظ في الفتح (٣/ ٤٩٥): «وفي الحديث فضل العقيق كفضل المدينة وفضل الصلاة فيه، وفيه استحباب نزول الحاج في منزلة قريبة من البلد ومبيتهم بها ليجتمع إليهم من تأخر عنهم ممن أراد مرافقتهم، وليتدارك حاجته من نسيها مثلا، فيرجع إليها من قريب»، انتهى.
لكن الحافظ ابن كثير لا يرى هذا، فقد حقق أن الصلاة التي أمر النبي ﷺ بفعلها في وادي العقيق؛ هي صلاة الظهر التي أحرم عقبها، فقال في كتابه البداية والنهاية بصدد الكلام على حجة الوداع:«فالظاهر أن أمره ﵇ بالصلاة في وادي العقيق هو أمر بالإقامة به إلى أن يصلي صلاة الظهر، لأن الأمر إنما جاء في الليل، وأخبرهم في صلاة الصبح، فلم يبق إلا صلاة الظهر، فأمر أن يصليها هنالك، وأن يوقع الإحرام بعدها»، انتهى.