للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قوله بالصفات العقلية السبعة، وتأويل ما عداها، وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، ثم انتهى به المطاف إلى ترق آخر له في الأخذ بالحق، وهو تخليه عن التأويل جملة، وقوله بكل الصفات التي تضمنتها نصوص الكتاب والسنة، من غير تكييف ولا تمثيل، وتمسكه الكامل بمنهج السلف، وهذا ما تضمنه كتابه الإبانة، الذي صدره بما قد يشعر أنه إنما يرد فيه على المعتزلة بخاصة، إذ ذكر عنهم مخالفة رواية الصحابة عن النبي في رؤية الله تعالى بالأبصار، وإنكار الشفاعة، وجحود عذاب القبر، وقولهم بخلق الإنسان الشر، وأنه سبحانه يشاء ما لا يكون، وأن من دخل النار لا يخرج منها، ونفوا ما روي عن النبي من نزول الله ﷿ إلى سماء الدنيا، هذا بعض ما ذكره، وهذا إنما قال به المعتزلة دون الأشعرية كما يعرفون اليوم، باستثناء النزول فإن الأشعرية يؤولونه، لكنه قال أيضا: وأنكروا أن يكون له يدان، وأن يكون له عين، ومعلوم أن الأشعرية يؤولون النصوص المتعلقة بهما، ثم أشار إلى أنه يرد على جميع أهل البدع من الجهمية، والمرجئة، والحرورية، أهل الزيغ فيما ابتدعوا وخالفوا الكتاب والسنة، وما كان عليه النبي وأصحابه أجمعين» (١)، ومعلوم أن الصحابة ما كانوا على شيء من التأويل، ومباحث الكتاب كلها شاهدة بأنه على عقيدة السلف.

وقد تقول بعض المتعصبين على الأشعري ما هو منه بريء، إذ زعم أنه إنما قال بعقيدة السلف خوفا على نفسه من الحنابلة كما قال، وهذا كلام باطل لكونه مجرد ظن، بل هو من ظن السوء بالمسلم العالم السني، بنسبته إلى أصحاب التقية، وفي العقيدة لا في غيرها، والحنابلة لم يكونوا ذوي سلطان حتى يخشاهم الأشعري، ولو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم.


(١) «الإبانة عن أصول الديانة» لأبي الحسن الأشعري (ص ٣٨) (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>