طولب به، وإنما يستثنى المتردد على مكة، ولو كان سفره بعيدا، ودليلهم عموم قوله ﷺ:«لا ينفرن أحد،،،».
قلت: ومن حيث النظر؛ فإن طواف الوداع لما كان يطالب به المرء ولو طال مكثه بمكة كأن لا يخرج منها حتى ينقضي شهر ذي الحجة؛ قوي ما رأوه من عدم ارتباطه بالحج والعمرة، وقد وجدت القاضي عبد الوهاب أشار إلى هذا في كتابه المعونة، لكن جاء في حديث الحارث بن عبد الله بن أوس قال: أتيت عمر بن الخطاب فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض، قال: ليكن آخر عهدها بالبيت، قال فقال الحرث: كذلك أفتاني رسول الله ﷺ، قال: فقال عمر: «أربت عن يديك، سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله ﷺ كيما أخالف!!، رواه أبو داود (٢٠٠٤)، وللترمذي:«من حج هذا البيت أو اعتمر؛ فليكن آخر عهده بالبيت»، فقال له عمر:«خررت من يديك!!، سمعتَ هذا من رسول الله ﷺ ولم تخبرنا به؟، وفي سند الترمذي الحجاج بن أرطاه، لكن قوله أو اعتمر، زيادة غير محفوظة كما قال المباركفوري والألباني، وقول عمر: «خررت من يديك»، وفي رواية أبي داود «أربت عن يديك»، قال ابن الأثير:«كأنه أراد؛ أصابك خجل أو ذم»، انتهى، أنكر عليه سؤالَه عن الحكم وعنده سنة من النبي ﷺ، وقد ثبت الترخيص للحائض بترك طواف الوداع، فيكون حديث الحارث منسوخا، هكذا قيل، ولا يلزم لاحتمال تمسك عمر والحارث بالعموم من غير أن يكون هناك تنصيص من النبي ﷺ على لزوم الوداع للحائض، وفي الحديث كما ترى جعل طواف الوداع على من حج وحده، فيحمل عليه عموم قوله ﷺ:«لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت»، والعلم عند الله.