يقربن مصلانا»، رواه أحمد وابن ماجة (٣١٢٣) وابن أبي شيبة وصححه الحاكم عن أبي هريرة، وقال الحافظ رجح الأئمة وقفه، وقال في مسالك الدلالة (ص ١٥٢): «واختلف في رفعه ووقفه، والذي رفعه ثقة، فقوله مقبول»، انتهى.
قلت: لكن احتجاجه بالحديث على السنية ليس كما ينبغي، فإن الاحتجاج به على الوجوب هو المتبادر لما فيه من التشديد كما ترى، وهو نظير قول النبي ﷺ:«من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا».
ومما جاء فيها ما رواه أحمد والأربعة (ت/ ١٥١٨) وحسنه عن مخنف بن سليم قال: «كنا وقوفا مع النبي ﷺ بعرفات، فسمعته يقول: «يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟، هي التي تسمونها الرجبية»، قال الحافظ: سنده قوي، وقد قال أبو داود:«العتيرة منسوخة، هذا خبر منسوخ»، انتهى، لكن نسخ العتيرة؛ لا يلزم منه نسخ ما معها، ومما اعتبر صارفا للنصوص التي ظاهرها الإيجاب قول النبي ﷺ: إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي؛ فليمسك عن شعره وأظفاره»، رواه مسلم (١٩٧٧) من حديث أم سلمة، وقد استدل به على عدم الوجوب بعض البغداديين المالكيين، ذكره في النوادر، ووجه ذلك ما فيه من التفويض إلى المكلف، إذ لا تفويض في الواجب، وهذا ما ذهب إليه الشافعي في كتابه مختلف الحديث، ومال إليه الشوكاني في النيل، قال كاتبه: وليس بِمُسَلَّمٍ، لأنه لا يبعد أن يكون منه ﷺ إحالة على ما عرف من شرعه، ويؤيده قول النبي ﷺ:«من أراد الحج؛ فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة»، رواه أحمد والبيهقي عن الفضل بن عباس، والحج واجب على المستطيع بالنص والإجماع، ومع ذلك فوض فعله إلى المكلف، وقال تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨)﴾ [التكوير: ٢٨]، ولا تخيير هنا بالإجماع.
وقد روى الترمذي (١٥٠٦) عن جبلة بن سحيم أن رجلا سأل ابن عمر ﵄ عن الأضحية أواجبة هي؟، فقال:«ضحى رسول الله ﷺ والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: أتعقل؟!، ضحى رسول الله ﷺ والمسلمون»، قال الترمذي حسن، وضعفه الألباني من قبل الحجاج بن أرطاه، وعلق البخاري عن ابن عمر قوله:«هي سنة ومعروف»، قال الحافظ في