والمذهب أن الشق الذي بلغ الثلث فما دونه؛ يسير لا يضر، فهذه العيوب منصوصة، وكلها في الأذن، فيقاس عليها عضباء الأذن، أي مقطوعتها من باب أولى، مع أن فيها حديث علي الآتي، وقد اختلف في حد القطع الذي يضر، فقيل الثلث كثير، وقيل يسير، وهو الذي رجحه الباجي، ومشى عليه خليل في المختصر، وفرقوا بين ثلث الذنب فيضر، لأنه لحم وعصب، فتتضرر به وينقص منها، أما ثلث الأذن؛ فهو طرف جلد.
وتقييد مكسورة القرن بحالة الإدماء؛ لأنه يصدق عليها حينئذ وصف المرض، أما إن كان قد برئ؛ فلا مانع من التضحية بها في المذهب، وقد صرح مالك بهذا الفارق، وفسر بعضهم الإدماء بما إذا كان الدم يسيل، ويعترض على هذا بأنه يمكن أن ينقطع الدم، ومع ذلك يحصل بالكسر الضعف والمرض، ومعظم أهل المذهب لا يفرقون بين ما انكسر من أعلاه أو من أصله، لكون ذلك ليس نقصا في الخلقة، ولا في اللحم، إذ يجوز التضحية بالجماء، وهي التي لا قرن لها أصلا، وهذا قياس مع الفارق كما ترى.
والعمدة في هذا قول علي بن أبي طالب ﵁:«نهى رسول الله ﷺ أن يضحى بأعضب القرن والأذن»، رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي (١٥٠٤)، وحسنه المعلقان على زاد المعاد (٢/ ٣٢٠)، واختلف في المراد بالأعضب، فقيل ما ذهب نصف قرنه فأكثر، وقيل ما انكسر أو قطع من أصله، وقيد بعضهم الكسر بالداخل، ومعنى هذا أنه إذا انكسر غلاف القرن فإن ذلك لا يسمى عضبا، بل هو القصم، فإن القصماء من المعز المكسورة القرن الخارج، والعضباء المكسورة القرن الداخل كما في لسان العرب، وهذا قريب من تقييد أهل المذهب ذلك بالإدماء، قال الزمخشري في الفائق:«العضب في القرن الداخل الانكسار، واستدل بقول الأخطل:
إن السيوف غدوها ورواحها … تركت هوازن مثل قرن الأعضب
وقال الشوكاني: «فالظاهر أن مكسورة القرن لا تجوز التضحية بها إلا أن يكون الذاهب من القرن مقدارا يسيرا، بحيث لا يقال لها عضباء لأجله، أو يكون دون النصف إن صح أن التقدير بالنصف لغوي أو شرعي»، انتهى، وقد ذهب الجمهور إلى جواز التضحية بالأعضب، ومذهب مالك أعدل الأقوال في المسألة.