مقيسة في وقتها على الهدي؛ كان يوم العيد من الأيام المعلومات، وأما المعدودات؛ فإنها أيام منى، وقد نقل المهدي في البحر الإجماع عليه، كما ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (٣/ ٣٨٧)، ولما كانت هذه الأيام ثلاثة بنص حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله ﷺ وهو بعرفة فسألوه، فأمر مناديا ينادي:«الحج عرفة، فمن جاء ليلة الجمع قبل طلوع الفجر؛ فقد أدرك، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين؛ فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه»، رواه أصحاب السنن الأربعة، (ت/ ٨٨٩)، وصححه الترمذي في كتاب التفسير (٢٩٧٥)، فلما كانت أيام منى ثلاثة؛ وجب أن تكون الأيام المعلومات غير المعدودات، إذ لو توافقتا؛ لكان سائغا أن ينفر الحاج في اليوم الحادي عشر، وهو مخالف لاتفاق أهل العلم، ولهذا قالوا إن يوم العيد معلوم غير معدود، واليوم الرابع معدود غير معلوم، وما بينهما معدودان معلومان، وقد روي نحو هذا عن ابن عمر، فهذه حجة على اختلاف الأيام المعدودات عن المعلومات، مع ما جاء في المعلومات من الخلاف، ولو سلم ذلك؛ فلا يلزم منه أن يكون اليوم الرابع غير معلوم، فإن إثبات تغايرهما؛ لا يلزم منه أن تكون الأيام المعلومات ثلاثة فحسب، إلا بالاعتماد على أن أقل الجمع ثلاثة، والثلاثة داخلة في جمع القلة ولا بد، وما زاد عليها مشكوك في دخوله، قال مالك كما في النوادر والزيادات:«والأيام المعلومات أيام النحر، والأيام المعدودات أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر».
ومما احتج لهم به حديث النهي عن ادخار لحوم الأضلحي بعد ثلاثة أيام، فإنه لو كانت مدة النحر أربعة أيام لكان ممنوعا الذبح في الرابع على ما يقتضيه النهي، وكونه منسوخا لا يمنع من الاحتجاج به على هذا الحكم، والجواب عنه أن الأدخار يكون بعد اليوم الأول، فلا حجة فيه.