للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغليب تحريم الميتة عموما، فإن الذكاة كيفما كانت تطهير للحيوان، فتكون الذكاة معتبرة في حل ذبائحهم.

فإن علمنا أن ما ذبحوه أهلوا به لغير الله، أو علمنا بذكرهم أسماء معبوداتهم على ذبائحهم؛ فهذا يتناوله دليل آخر محرم، وهو قوله تعالى: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾، فهل يقال إن هذا مخصوص بغير أهل الكتاب، فتؤكل ذبائحهم على أي وجه ذبحوها رعاية لدليل الحل، أو يقال إن دليل حل ذبائحهم مخصوص بهذا، أعني بدليل تحريم ما أهل به لغير الله، لا ريب أن القول الأول هو الأقرب ما لم نعلم، لأن في تحقق تلك القيود من الحرج ما لا تأتي به هذه الشريعة السمحة، فيؤول الأمر إلى عدم الحل، أما إن علمنا ذلك منهم فالتحريم هو الظاهر، فإن الله تعالى لما حرم علينا ما لم يذكر اسم الله عليه؛ عقلنا أن ما علمنا أنه قد ذكر عليه غير اسم الله يكون محرما من باب أولى، فإن لم نعلم كان الأصل الحل، قال الزهري لا بأس بذبيحة نصارى العرب، وإن سمعته يسمي لغير الله فلا تأكل، وإذا لم تسمعه فقد أحله الله، وعلم كفرهم»، انتهى، علقه البخاري بصيغة الجزم، وقد كره مالك ما علم أنهم ذكروا اسم غير الله عليه ولم يحرمه، وذهب إلى مثل ذلك فيما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم فقال: «أكرهه ولا أحرمه»، وهو في كتاب الذبائح من المدونة، بخلاف ما ذبحوه متقربين به بحيث لا يأكلونه، فهذا ليس من طعامهم كما لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>