للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيوب كما تقدم ذكره؛ فهذا من باب القياس بجامع أن كلا منهما نسك متعبد به، فينبغي أن يعتبر هنا ما اعتبر هناك وجودا وعدما، قال مالك في الموطإ: «إنما هي بمنزلة النسك والضحايا، لا يجوز فيها عوراء، ولا عجفاء، ولا مكسورة، ولا مريضة، ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها،،،»، وهو الذي نسبه الترمذي لأهل العلم، لكن الذي وردت به النصوص في العقيقة الإطلاق، وهو قوله شاة، شاتان، وفي الأضحية التقييد كما مر، قال الشوكاني: «وقد استدل بإطلاق الشاتين على عدم الاشتراط وهو الحق، لكن لا لهذا الإطلاق، بل لعدم ورود ما يدل هاهنا على تلك الشروط والعيوب المذكورة في الأضحية وهي أحكام شرعية، لا تثبت بدون دليل»، انتهى، قال كاتبه: القياس دليل، والعلة الجامعة؛ أن كلا من العقيقة والأضحية نسك، وكذلك حمل المطلق على المقيد، فإن حكم الأضحية والعقيقة عند القائلين بذلك متحد، وهو السنية، واختلف سببهما كما في عتاق الرقبة في الظهار وقتل الخطإ.

واعلم أن الشوكاني قد رد على من اعتمد القياس في هذه المسألة، باعتبار أن الجامع بين الأضحية والعقيقة وهو التقرب، ومنهم الإمام يحي، فقال في نيل الأوطار (٥/ ٢١٣١): «ولا يخفى أنه يلزم على مقتضى هذا القياس؛ أن تلزم أحكام الأضحية في كل دم متقرب به، ودماء الولائم كلها مندوبة عند المستدل بذلك القياس، والمندوب متقرب به، فيلزم أن يعتبر فيها أحكام الأضحية، بل روى عن الشافعي في أحد قوليه أن وليمة العرس واجبة»، انتهى.

قلت: من قال باستحباب الولائم كالوكيرة، والنقيعة والخرس، والوليمة، أو قال بوجوب بعضها؛ لم يشترط فيها الذبح كما هو الشأن في الأضحية والعقيقة، ومقصودهم أن الوليمة نفسها مندوبة أو واجبة، لا أن إراقة الدم داخلة في هذا الحكم، فما أدري لاعتراض الشوكاني بهذا القول على ذلك القياس وجها يقبل، ولا وجه للتعلق بقول النبي لعبد الرحمن بن عوف: «أولم ولو بشاة»، فإن المقصود ما تكون به الوليمة، وبدلابة فعل النبي .

ومهما يكن فالمتفق عليه أن اجتناب العيوب المذكورة لا ريب في استحبابه لقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>