للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جراءة ونجدة، قال: «يا رسول الله جئت لأتبعك، وأصيب معك»، فقال له رسول الله : «أتؤمن بالله ورسوله»؟، قال: «لا»، قال: «فارجع، فلن أستعين بمشرك»، قالت: ثم مضى رسول الله ، حتى إذا كان بالبيداء؛ أدركه ذلك الرجل، فقال له رسول الله : «أتؤمن بالله ورسوله»؟، قال: «نعم»، قال: «فانطلق»، وروى أحمد عن عبد الرحمن بن حبيب عن النبي وفي الحديث قصة؛ قال: «إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين»، قال في مجمع الزوائد أخرجه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات، وإذا كان ممنوعا أن يستعان بالمشرك على المشرك؛ فإن الاستعانة به على المسلم أشد وأشد، ومعارض هذين الحديثين لم يرق إلى درجة القبول.

وقد صار إلى هذه الاستعانة كثير من حكام المسلمين في هذا العصر قبل أكثر من ربع قرن، تحالفوا مع أمريكا ودول أوربا وغيرها لقتال صدام حسين، فترتب على ذلك أن قامت في العراق دولة للشيعة الروافض، ولكي يجدوا ما يعتمدون عليه ليقضوا على أهل السنة أنشأوا ما سمي بالدولة الإسلامية في مناطقهم، أو حصب ذلك بسبب ما سلطوه عليهم من ظلم معتمدين على ارتباطهم وتعاونهم مع نظام صدام، فكان ذلك ذريعة لتحالف جديد لقتال تلك الدولة المزعومة؛ فخربوا مدنا كالرمادي والموصل وغيرها، ومن نتائج ذلك التحالف قوة شوكة الشيعة في لبنان بإنشاء حزب الله، واشتداد ساعدهم في سوريا، فحصلت حرب أتت على الأخضر واليابس لا يعرف لها نظير فيما أتت عليه من القتل والتهجير والتدميرإلا ما جرى في الحرب العالمية، وها هي ذي قوتهم تظهر في اليمن على أيدي أتباع الحوثي الذين تمدهم دولة إيران بالمال والسلاح المتطور، فقاموا بانقلابهم على حكام البلد بتواطؤ ثم مشاركة وتعاون مع حاكم البلد المخلوع المحسوب على السنة، وسكوت من جماعة الإخوان، فقامت الحرب هناك منذ ثلاث سنوات، والجديد فيها أن التحالف هنا خاص بدول المسلمين، فهذا خير مما سبق، وما أدري متى تنتهي، وكل هذا أثر مخالفة الحق وموالاة الكفارعمليا بالاستعانة بهم واستنصارهم، وهو يضعف الولاء الذي بين المسلم والمسلم، ولله عاقبة الأمور.

وبعد فقد علمت الحال التي يجب على المسلمين فيها وجوبا كفائيا أن يجاهدوا في

<<  <  ج: ص:  >  >>