حينئذ، فهم بمثابة المال كما قال بعضهم، واسترقاق الأسرى ليس واجبا بل مباح، والشرع متشوف إلى العتاق كما لا يخفى.
فأما الرهبان والأحبار فيكفي في بيان شرهم قول الله تعالى عنهم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (٣٤)﴾ [التوبة: ٣٤]، فهم أعظم خطرا من المقاتلين، لشدة كفرهم، ودعوتهم غيرهم إلى الكفر، ولما ينتفع به من آرائهم، وتدبيرهم وقد قيل:
الرأي قبل شجاعة الشجعان … هو أول وهي المحل الثاني
فإن اجتمعا لنفس حرة … نالت من العلياء كل مكان
فليس مجرد اتصافهم بذلك مانعا من قتلهم، ولذلك اشترط فيه على المشهور أن يكونوا منقطعين عن أهل ملتهم حسا في دير أو صومعة، وأن لا يكون لهم نوع إعانة في الحرب بالرأي والمشورة، فهؤلاء يتركون ولا يسترقون كما تسترق الذرية والنساء، ويُترك لهم ما يقوم بهم من الأموال إن كانت لهم، فإن لم يكن لهم مال؛ ترك لهم من أموال الكفار، قالوا وإلا وجب على المسلمين مواساتهم!!، وقيل تترك لهم جميع أموالهم، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٨/ ٦٦٠): «وإنما نهي عن قتل هؤلاء لأنهم قوم منقطعون عن الناس، محبوسون في الصوامع، يسمى أحدهم حبيسا، لا يعاونون أهل دينهم على أمر فيه ضرر على المسلمين أصلا، ولا يخالطونهم في دنياهم، ولكن يكتفي أحدهم بقدر ما يتبلغ به، فتنازع الناس في قتلهم،،،»، وقال التتائي ﵀:«ليس النهي عن قتل الرهبان ونحوهم لفضل ترهبهم، بل هم من الله أبعد من غيرهم، لشدة كفرهم، وإنما تركوا لتركهم أهل دينهم، فصاروا كالنساء»،!! انتهى.
والمعتمد فيما تقدم؛ ما جاء في وصية أبي بكر ﵁، ليزيد بن أبي سفيان لما بعثه أميرا على فتح الشام:«وستجدون أقواما قد حبسوا أنفسهم في الصوامع فذروهم وما حبسوا أنفسهم له،،،»، وهي في موطإ مالك، وفي نسخة للرسالة بدل الأحبار الأجراء، ودليله النهي عن قتل العسيف، وهو الخادم والأجير كما تقدم، ومشهور المذهب عدم